ها هو شهر التسامح والتقوى والمغفرة يطل على الأمة الإسلامية في شتى بقاع المعمورة، وهو يحمل كل معاني الإسلام العظيم من عبادة وإحسان وتواصل وتحاب ورحمة وشفقة ومساواة واتصال دائم بالفضائل، والدعاء إلى رب العالمين أن يحقق لعباده أسمى الأماني وأصدق التضرعات، وأن يشمل الأمن والأمان والخير العميم كل مسلم يعيش على ظهر هذه البسيطة أينما كان، بل وأن يشمل الإنسان مهما كان جنسه ما لم يكن يضمر العداوة لهذا الدين الحنيف والأمة العظيمة التي أسهمت في نشر ثقافة التسامح والتعايش والسلام في شتى أنحاء المعمورة التي أرست أسس الأخلاق والقيم الإنسانية لدى كل شعوب الأرض، وقدمت للعالم أرقى المعارف التي أنتجتها الحضارة الإسلامية في ظل الخلفاء الصالحين الذين كانت عواصمهم المضيئة مجلبة للعلماء والمفكرين والفلاسفة من سائر الأمم والأقوام؛ نظراً لتأثير الإسلام في عقولهم التي كانت تطرح تساؤلات لم تجد إجابات لها في الأديان والمعتقدات الأخرى، ووجدوا تلك الإجابات المقنعة في هذا الدين الحنيف؛ لذلك يمموا وجوههم إلى عواصم الإسلام المزدهرة ليحظوا بالحرية والتشجيع وفسح المجال شاسعا لعلمهم المفيد للبشرية جمعاء.
***
واليوم ونحن نستعيد كل ذلك ونرى هذا التمزق الفظيع والتناحر الذريع والاقتتال الشنيع بين أبناء هذه الأمة وبلا أسباب جوهرية وغالباً ما تنتهي إلى لا شيء و(قبض الريح)، فإن القلب يعتصره الحزن مثلما يعتصر قلب كل مسلم حقيقي مخلص لا قلب مدعٍ يقتل باسم الإسلام ويدمر منجزات الإسلام ويمزق جسد الأمة الإسلامية، لذا نقول بهذه المناسبة: اللهم ارحم هذه الأمة.