حقوق الإنسان تستمد قوتها وعمق الإيمان بها من الصلة بين الإنسان وخالقه، ولا يكاد يوجد دين سماوي إلا واحتلت هذه الحقوق صدر تعاليمه. وفي الإسلام كرّم الله سبحانه وتعالى الإنسان، معلناً في كتابه العزيز- القرآن الكريم- تكريمه للإنسان بالمطلق دون تمييز في اللون أو الجنس أو الدين {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ...}، الآية, وفي السياق التاريخي العالمي توسعت دائرة الاهتمام بحقوق الإنسان مستمدة تلك الأهمية من الإرث التاريخي الدموي الذي شهدته أوروبا إبان الثورة الفرنسية والانتهاكات الخطيرة التي صاحبتها، وتطور الوعي الدولي بحقوق الإنسان ليتجاوز مجرد الشعور بوطأة الظلم الذي يقع على الإنسان في أي مكان إلى درجة القناعة بأهمية غرس الوعي بدوره كمحفز لتأسيس بيئة الإبداع والابتكار واطلاق الطاقات الكامنة داخل الإنسان ليكون فاعلاً داخل منظومته الإنسانية، لكن موجة الوعي والعناية بحقوق الإنسان والتي تمثل ظاهرة حضارية وبعداً إنسانياً عميقاً وجدت من يقفز إلى عربتها ليوجه الدفة في أحايين كثيرة لمزج نقاء هذا الهدف بأجندات سياسية تفوح منها مقاصد لا علاقة لها بهذه القيمة السامية. وباتت تلك الأجندات تتشكل في إطار مؤسسي يعمق ظلم الإنسان في تبنٍ سافرٍ لسياسة الكيل بمكيالين وغض الطرف عن حقوق الإنسان بمفهومها الشامل دون تغاضٍ.
وقد حرصت المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها على حماية حقوق الإنسان من خلال إطار الشريعة الإسلامية السمحة لتتطور هذه الجهود وتتوج بتأسيس هيئة حكومية لحقوق الإنسان وجمعية أهلية وطنية لذات الغرض وهو ما يجسد إرادة التفاعل الرسمي والشعبي للمساهمة في دعم هذا الهدف السامي، وقد فازت المملكة بعضوية أول مجلس لحقوق الإنسان بالأمم المتحده في عام 2006م في صورة تجسد احترام وتقدير العالم لتلك الجهود التي تبذلها المملكة في هذا المجال.
***