أقصتني عنها دواليب الحياة، فجئتها بعد أيام على وفاة زوجها، فلم يكن هو ذلك فقط بل كان الرفيق الصديق، من لا تحلو لها لحظة في اللحظة دونه كما أنه لا يختلف عنها في الود والصدق والوفاء.. وحين اختاره الله لجواره، احتوت صديقاتها دمعها ومصابها وطوقنها كالسوار، كان عليّ أن أفعل لكنني لحقت بالجمع وجئتها أحنو على جرحها، نتقاسم الفقد، ونطوي بعضاً من الساعات حتى يهون الأمر عليها، فهي مؤمنة بقضاء الله لكن العين تدمع والقلب يحزن.
ما لفتني في الموقف أن من حولها هنّ الصديقات، لم يتركنها ليلاً ولا نهاراً، يخففن من فجيعتها شابة في مقتبل الأربعين، تعبر نفق الترمل وفجيعة الفقد الفجائي، فبالأمس كانا يتجاذبان الحديث وكوب الشاي الذي لم يكمله لا يزال فوق المنضدة.
ومثل هذا السلوك يندر في زمن تكالبت الحياة بماديتها ومظاهرها على روح التكاتف والتكافل والإيثار..
أجلس إلين ألتقط جملة عن هذه، وعبارة عن تلك، دعاء يأتي عفو الخاطر، ودعابة تنسل في قصد.. جو حزن لكنه في حميميمة الصداقة أصبح برداً وسلاماً.
تمنيت أن تشرع أبواب بيتها لكل الناس ليتروحوا بنسائم صداقة وطيدة تحولت لأخوة.. فربّ أخٍ لم تلده أمك.. وربّ موقفٍ يكشف لك عن معادن الناس.
رحم الله عمراً يا فضيلة وجعله في فردوسه الأعلى.. وأسبغ عليك الصبر وزادك إيماناً ورضاء..