Al Jazirah NewsPaper Monday  17/08/2009 G Issue 13472
الأثنين 26 شعبان 1430   العدد  13472
ربيع الكلمة
حسب (الزّن)!
لبني الخميس

 

استشرت في مجتمعنا السعودي مؤخراً ظاهرة سيئة تبعت مجموعة من الظواهر التي تطل علينا في كل حين وتسبب خللاً واضحاً وإصابات وضحايا من نسيج المجتمع.

هي ظاهرة التسويف والاستخفاف بحقوق الآخرين، فحين يقرض الصديق صديقه والقريب قريبه فنجد أن البعض يبدع في التملص والمماطلة والتسويف في دفع الدين المستحق، بل إنه لا يحرص ولا يكترث بدفع المبلغ.

مما زعزع الثقة وأطلق شرارة الضغينة الأولى وأعلن البعض الحرب واختار المحاكم ميدانا لها.. فضاقت المحاكم والإمارات ذرعا بتلك القضايا التي شغلت المسؤولين وأصحاب الحق.

فكم من موسر ادعى الإعسار لكي يتهرب من الدفع، وكم من مقترض تفنن بأساليب التملص والكذب والخداع لكي يتهرب من دفع دينه.

والبعض أراح رأسه ولم يعط الموضوع بالاً ولم يفكر به مجرد التفكير.

والأدهى من ذلك والأمر أن بعض المقترضين يدخلون عائلاتهم وأسرهم في إحراجات متواصلة وقلق مستمر.. وأعطوهم دروسا في أساليب الكذب وأشكال الخداع وحولوا حياتهم إلى هروب كبير وخوف دائم.

فمنهم من غير رقم هاتفه بل وعنوانه، ومنهم من انعزل عن المجتمع والناس وجعل أهله في وجه المدفع.

وللأسف إننا حين نستعرض بعضاً من أسباب الاقتراض نجد أنها لا تفرضها الحاجة والعوز الملح بل إنها للمظاهر و(الفشخرة).. كالسفر لخارج المملكة، أو اقتناء سيارة فارهة أو شراء أثاث فخم أو ساعة ثمينة وغيرها من الأسباب التافهة غير المقنعة والتي تعبر عن نفسيات مريضة.

فنجد أن المقترض يلبس ثوب المسكين ويظهر الحاجة ويبالغ في سرد معاناته مع الحاجة والفاقه عليه وعلى أهله ويبين الذل والخضوع بل إنه قد يشرك أقارب المقرض ورفاقه لمحاولة إقناعه بتسليفه، وما إن يتسلم المبلغ حتى يتحول إلى شخصية أخرى يغلب عليها المكر والتحايل والنفاق.

حتى إن البعض منهم عندما تتكاثر عليه الديون و(يتقطع عنه الماء) يتخذ أسلوب الوفاء بالدين (حسب الزن) بمعنى أن المدين أو صاحب الحق الذي يمارس الزن أكثر فسيحظى بفرصة أفضل للتسديد مبكرا، أما من يسامح ويمهل ويقدم الأعذار التي يستحق لأجلها الاحترام والإكبار فإنه يجابه بالحجود والنكران والنسيان!.

مع الأسف إن هذه الظاهرة انتشرت كانتشار النار في الهشيم حتى إن أصحاب الخير أصبحوا يفكرون ألف مرة ويترددون قبل أن يقرضوا من هو قد يكون محتاج حقاً.

ومن هنا يأتي دور العلماء والأئمة والدعاة إلى الالتفات إلى مثل تلك القضايا الحساسة والتي تلامس حياة الناس الحقيقية بدلا من مناقشة قضايا عفا عليها الزمن.

فيجب عليهم أن يوعوا المقترضين وحتى أصحاب المحلات والشركات وغيرها الذين يتأخرون ويماطلون في دفع رواتب موظفيهم.

فلقد سمعت بألم قول أحد التجار الذين تأثروا بالأزمة الاقتصادية فتأخر واستهان بدفع رواتب العمال تحت ذريعة أنه يعاني من غلاء الأسعار وكأن عماله يعيشون في كوكب آخر أو لديهم حصانة ضد الغلاء وتداعيات الأزمة الاقتصادية!.

ختاماً في حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم خير قدوة وأسوة نحتذي بها فهو من قال ببلاغة مذهلة: (أعط الأجير أجره قبل أن يجف عرقه) فهل نعمل بقوله وننصف الناس؟ لكي لا نكون سببا في تعاستهم واستعبادهم وهم الأحرار وإذلالهم وهم الأعزاء.

نبض الضمير:

قال جل جلاله: (ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة؛ رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا ثم أكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى ولم يعطه أجره).




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد