تشرفت حين كلفني صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن فهد بن عبدالعزيز الرئيس العام لرعاية الشباب برئاسة الوفد الشبابي السعودي لزيارة كوريا الجنوبية ضمن فعاليات التبادل الثقافي بين البلدين.
حيث كانت تلك الزيارة ناجحة بصحبة مجموعة متميزة من شباب وطننا الغالي الذين استطاعوا تقديم أنموذج مشرف عن المملكة العربية السعودية؛ مما يدل على ما يتمتع به أبناء هذا البلد الطيب من ثقافة نيرة وأسلوب مقنع.
ولا أريد هنا أن أزعجك عزيزي القارئ باستعراض برنامج الزيارة وأنشطته التي كانت بحق رائعة ومتميزة، ولكن أريد أن أسجل مشاهداتي عن كوريا الجنوبية من خلال تلك الزيارة، بالإضافة إلى تقديم بعض الرؤى والأفكار التي من الممكن أن تُسهم في تفعيل مثل تلك البرامج والزيارات مع العديد من البلدان المهمة في الشرق والغرب.
لقد رأيت وزملائي أعضاء الوفد النهضة الشاملة التي تعيشها كوريا من خلال نهضتها بعد الحرب التي خاضتها ضد كوريا الشمالية في منتصف القرن الماضي؛ حيث استطاع رجال كوريا وشبابها النهوض بوطنهم من خلال التعليم المتميز والعمل الجاد الدؤوب وعدم الاتكالية مما جعلها في مقدمة الدول المصنعة والمتطورة في سنوات قليلة. وهذا يدلنا على أن الطريق الأمثل لتحقيق النهضة الشاملة في كل الجوانب هو التعليم الجاد ولا غير، وأقصد هنا التعليم الذي يختصر الزمن ويحقق الصعاب والذي يعتمد على العلوم الطبيعية بشكل كبير لتحقيق النهضة الصناعية. ومما لاحظته وزملائي الجدية واستغلال الوقت واحترامه؛ حيث يتعامل الكوريون بشكل جاد في حياتهم، بل ويقضون وقتاً كبيراً ويبذلون جهداً جباراً في التعليم. ولقد سرح خاطري كثيراً -وأنا أتحدث مع بعض الشباب الكوريين الجادين - حول شبابنا ومتى يكون جاداً في دراسته مستثمراً لوقته بالشكل المطلوب؟ ألم يحن الوقت للعمل والمشاركة الفاعلة في إكمال مسيرة هذا الوطن الذي بذل فيه الآباء والأجداد جهدهم وعرقهم؟!
أما على مستوى التطبيق والممارسة فقد لاحظت وزملائي احترام الكوري للأجنبي والتعامل معه بكل احترام وتقدير، وكذلك محافظتهم على أن تبقى طرقات شوارع المدن في كوريا نظيفة، بالإضافة إلى تقيدهم بشكل كبير بقواعد القيادة للسيارات؛ حيث لم نر حادثاً واحداً خلال عشرة أيام. إن المقام لا يتسع لذكر أبرز القضايا المهمة التي شاهدتها خلال تلك الزيارة، لكن يكفي أن أقول إن مثل هذه الزيارات وغيرها للبلدان المتقدمة صناعياً وحضارياً تعد - من وجهة نظري - أمراً مهماً جداً، حيث لاحظت كيف استطاع شباب الوفد الاستفادة، بالإضافة إلى قدرتهم على تقديم صورة جميلة ورائعة عن بلد المملكة العربية السعودية؛ حيث قال لنا كثير من الشباب الكوري الذين قابلناهم وجلسنا معهم وتحدثنا إليهم: إننا كنا نتصور أن السعوديين مغرورون لأنهم أغنياء، لكن الآن تغيرت عندنا الصورة النمطية التي كانت في أذهاننا.
إني أعتقد أن هذا يعد مكسباً كبيراً جداً تقدمه مثل هذه الزيارات الشبابية، ويبقى الأمر المهم هو الاختيار المناسب لمن يمثل المملكة في الوفود الخارجية من مختلف القطاعات. ولقد تفاجأت كثيراً برقة مشاعر بعض الكوريين بشكل لم أكن أتوقعه، حيث إن بعضهم طيب المعشر رقيق المشاعر، وقد حدث هذا مع المترجمة التي بقيت معنا طوال فترة الزيارة وودعتنا بالدموع في المطار حيث إنها تتحدث العربية بشكل جيد وتعشق المملكة كثيراً.
alelayan@yahoo.com