عن عمر بلغ مائة وسنتين توفي سعود بن عبدالله بن محمد المبدل الذي ولد في عام 1328هـ، وقد توفاه الله في شهر صفر 1430هـ ليكون بذلك قد عاصر جميع ملوك الدولة السعودية الثالثة من عهد المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله- وحتى عهد الرخاء عهد خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أطال الله عمره.
فقد عاصر العم سعود مرحلة تأسيس الدولة السعودية الثالثة بما فيها من تضحيات وقلة أمن وكثرة خوف وجوع، ثم عاصر بعدها مرحلة الاستقرار بعد توحيد المملكة ثم عاصر عهد الثروة النفطية في حياة الملك عبدالعزيز -رحمه الله- ثم عاصر عهد الازدهار والنماء في عهد الملك سعود والملك فيصل والملك خالد رحمهم الله تعالى ثم عهد التقدم والرخاء في عهد الملك فهد رحمه الله والملك عبدالله أطال الله عمره.
كما عاصر العم سعود رحمه الله سنينا لن ينساها التاريخ السعودي وتاريخ أهل الجزيرة العربية، فقبل مولده بسنه حدثت أشهر سنين الجوع التي مرت بأهل نجد سنة 1327هـ التي هلك فيها خلق عظيم وهاجر آخرون، ثم عاصر سنة عصيبة في تاريخنا إنها سنة الرحمة أو سنة السخونة 1337هـ التي كان الموت فيها أكثر من سنة الجوع.
وكان للعم سعود ذكريات في سنة الرحمة وكان عمره تسع سنين، ومن ذكرياته في قصص رواها لي بنفسه رحمه الله حيث قال: (كنت في سنة الرحمة في مزرعة الوسيطاء في ضرماء وقد مات عدد كبير من أهل ضرماء شاركت في دفن الموتى رحمهم الله، ثم قال لي والدي إن عمانك (أعمامك) في قصور الروضة قد مات منهم عدد كبير فأذهب وساعدهم، فذهبت ودفنت معهم رحمهم الله، ثم أخبروني بأن أعمامك في المزاحمية قد مات منهم عدد كبير فذهبت ودفنت معهم رحمهم الله وكان منهم جدك وعمانك - يخاطبني بالكلام -) انتهى.
ومن قصص الجوع والحياة العصيبة التي عاشها العم سعود قبل اكتشاف البترول هذه القصة، يقول: خرجت مع والدي متوجهين إلى الرياض من شدت ما نعاني من الجوع والحياة الصعبة التي لا تطاق بحثاً عن مصدر رزق، وأثناء الطريق بلغ الجوع والجهد مني كل مبلغ، وكان عمري في العشرة تقريباً وليس معنا ما نأكله فرفعت يدي وقلت : يا الله يا رب بتمر نأكله وكان والدي يسمعني.
ولما صعدنا درب أبا القد إذا برجل معه بعير عليه قلال تمر (قلال جمع قلة وهي وعاء يصنع من خوص النخل لحفظ التمر) وكان الرجل متردد في النزول بكل هذا الحمل الذي على ظهر البعير خوفاً أن ينكسر البعير بسبب شدة انحدار درب أبا القد، فسأل الرجل والدي وقال : تبون تمر (تريدون تمر) فقال والدي: نعم، فأنزل الرجل لنا قلة من التمر وأعطاها والدي، فلم نزل الرجل ببعيره التفت علي والدي وقال: عاد ما سألت الله الجنة.
كان محمد المبدل جد العم سعود يسكن قصر ميضة في روضة ضرماء فقد كانت قصور روضة ضرماء الزراعية منطلق أسرة المبدل جميعاً وخاصة قصر ميضة وقصر الصفية وقصر العود وقصر الركية ثم انتقل أكثرهم إلى البلاد (مدينة ضرماء) والقصور الجنوبية والمزاحمية والدرعية وعرقة وغيرها.
ولكن جده محمد في عام 1294هـ أشترى من أخواله آل عبدالعزيز نخل الوسيطاء جنوب ضرماء بمائة وخمسون ريالاً حسب الوثيقة المرفقة التي كتبها العالم الزاهد قاضي ضرماء الشيخ محمد بن إبراهيم بن محمود رحمه الله ثم أنتقل إليها وزرعها هو و ابنه عبد الله والد المترجم له.
وفي سنة الرحمة 1337هـ وبعد وفاة محمد المبدل قام ابنه عبد الله ببيع نصف نخل الوسيطاء على مبارك بن دليم بمائة وستين ريال حسب الوثيقة المرفقة التي كتبها قاضي ضرماء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن عتيق رحمه الله.
وقد عاش العم سعود رحمه الله كل حياته في مدينة ضرماء وتوفي بها. ,وكان قد اشتغل بالجمالة والزراعة، وقد تنقل بين قصور ضرماء الزراعية محباً لمهنة الزراعة يزرع هذا القصر ثم ينتقل إلى أخر، ولم يلتحق بعمل حكومي طيلة حياته.
وقد أشتهر العم سعود رحمه الله بالتقوى والزهد والورع فقد كان بسيطاً في حياته لا يتكلف الأمور، كما أتصف بالحلم والأناة فلم يرى غاضباً ولا مستعجلاً، كذلك اتصف برجاحة العقل والرأي فقد كان له الحضور الدائم في كل ما ينوب أسرته وبلدته من المعضلات والنوائب.
وكان العم سعود يجيد معرفة تجبير الكسور والعلاج بالكي وعلاج بعض أمراض العيون مثل الرمد والصداع المتعلق بالبصر.
توفي وله من الأبناء اثنان ومن البنات أربع رحمنا الله وإياه رحمة واسعة واسكنه ووالدين والمسلمين في الفردوس الأعلى.
خالد بن سعود بن سعد المبدل