يبدو لي أن الغوغاء والدهماء من الجماهير العربية التي تساق للهتاف والتظاهر حسب أوامر بعض الحكومات التي لا تقل عنها غوغائية، لم تزل تصفق وتصدق المزايدين على كافة العرب باسم القضية الفلسطينية، وإلا: ماذا يعني أن تمنع حماس أشقاءها في المصير والنضال رجال منظمة التحرير الفلسطينية (فتح) من حضور مؤتمرها العالمي الذي عقد في الضفة الغربية في الوقت الذي تسمح فيه إسرائيل لرجال فتح بحضور المؤتمر؟!
ولست أدري: كيف تعتقل فتح بعض رفاق السلاح من حماس وكأنهم من العدو الإسرائيلي ويموت أحد رجال الأخيرة في السجن (الفتحاوي) وكأنه أحد ضباط جيش الدفاع الإسرائيلي؟
ولست أدري أيضاً: كيف حنث إسماعيل هنية وأبو مازن بأيمانهما وقسمهما في بيت الله، وبشهادة خادم الحرمين حينما أراد حقن الدم الفلسطيني الطاهر الذي سفح على أيدي (الأشقاء - الأعداء)؟ ولست أدري لماذا لم تزل الجماهير العربية تبجل حزب الله رغم موقفه السلبي إزاء مجزرة غزة ولم يطلق طلقة واحدة؟
ولست أدري أيضاً: كيف تقدس الجماهير العربية بعض رموز النظام الإيراني لمجرد أن أحدهم يتوشح ب(الكوفية) الفلسطينية في الوقت الذي يتصارع فيه فريقان من رجال الثورة الخمينية على الكرسي ويتهم كل منهما الآخر بالخيانة والممارسات اللا أخلاقية البذيئة، ولم يتفقوا فيما بينهم منذ الانتخابات الإيرانية الأخيرة حتى اليوم؟.
وهذا الموقف لا يختلف لدى كل الفريقين المختلفين على القضية؛ فمن جهة تتصارع فتح وحماس ومن جهة أخرى يتصارع الاصلاحيون الإيرانيون والمحافظون على الكرسي.. فكيف نطلب منهم الاتفاق على الوقوف بوجه العدو الصهيوني؟! ومتى يبدأون نضالهم المزعوم صفاً واحداً من أجل تحرير فلسطين..؟!!
***
ونحن هنا، لا نريد لأي كان الخلاف والقتال والشر، مهما كان جنسه وجنسيته, بل يعتصرنا الألم لما يحدث بين الإخوة الفلسطينيين، على وجه التحديد. أما الشأن الإيراني فلا نتمنى لجيراننا الإقليميين الخلافات والصدامات وإراقة الدماء، وهم حينما يتنفسون الصعداء يهددون جيرانهم أهل الخليج بفتل العضلات، مع أننا لا نتدخل في أمرهم مثلما يتدخلون في أمر العديد من بلداننا، وبما أننا لا نحب الدخول بين (البصلة وقشرتها) فلا يمكننا إلا القول: (قرع يدحدر جح)، أو (فخار يكسر بعضه)، ولا يصح إلا الصحيح.