انفرجت نافذة الفجر على وجهكِ الوضيء، تخيلتك تترجلين مركبة سحابة آتية من المدى، معكِ نوَّارة نديٌّ صباح صيف الرياض الساخن، تأملتكِ تماماً كما كنتُ أفعل حين امتثال بين يديكِ، كنتُ أدركُ مغزى أن تأتي لحجرتي.., تحملين لي الزاد، لم يكن الزاد طبقاً من فاكهة أحبها تجمعينها بانتقاء، بل كان زادك لي معها حكمة توظفينها في استرجاع موقف، نصيحة لم تلقيها عليَّ بين ملأ، امتناناً لما لا ترغبين في إشاعته عن بادرة مررت بها فالتقطتِ أنتِ وردتها،... والصبح هذا تأتين من مرقدكِ، بزادكِ الثري، سمعتكِ تلقين السلام، تشيرين للفضاء، تُلمحين للشمس عند الغروب..، أدركتُ رسالتكِ تلك التي لم تكن لي وحدي، ولم تكني أنتِ لي وحدي، فيداك حين تنفرجان تلمان الكون بمن فيه، وعيناكِ حين ترسلان شعاعهما فلكل مساحات الأرض لا يكسره حاجز، ولا يرده عال، فسلام لكِ من مفرق الشمس حتى مغيبها، ومن نافذة الليل حتى ظهيرة النهار،..
الإنسان نوارتي في ههنا مراده السلام، معركته الطويلة والدائمة، ومنتهى مرماه، لكنكِ كنتِ تدركين ما للطريق من وعثاء، وما للفضاء من أجواء، وما للإنسان ذاته من أهواء، لن تقف به أهواؤه عند عجينة السلام في طهرها، ولن يقوى على مدها أرضاً ورفعها سقفاً، دون أن يلحقها دكن أو تعتورها غرائزه وأخلاقه، هو يعلم أن امتداد الزمن بين عينيه هو ذاته التهام للزمن من بين عينيه، كما أنه على دراية مؤكدة بأن الشمس التي أشرقت به حين صرخة الميلاد، هي ذاتها ستمضي به عند دمعة الموت،..
وأنتِ هنا تطلين من نافذة صبحي تلقمين معي العصفور والنور، وترشفين معي القهوة على حمكتكِ التي لم تضل عن جوفي ..
رحمكِ الله نوَّارة.. وجعلك ضيفة أحلامي وزاد نبضي، ومنهل أفكاري...