لا شيء هو نتيجة عمل لا شيء).. شكسبير
دائما ما يثار الجدل حول شفافية بعض العقود ومصداقيتها التنافسية، وهو ما أبعد عدداً من الشركات الوطنية المؤهلة للدخول في بعض هذه المنافسات، وهنا أحببت أن أشيد بما قامت به (أمانة محافظة جدة) من خطوة كبيرة وغير مسبوقة في نشر الشفافية في منافساتها وأكثر من ذلك، حيث قامت الأمانة وعبر موقعها على شبكة الانترنت بنشر معلومات عن المنافسات التي تطرحها، بحيث تقوم بنشر أسعار المتنافسين عند فتح المظاريف والإعلان عن ترسية المشروع، إضافة إلى الأهم من ذلك، وهو نشر كراسة المشاريع المطروحة مجانا عبر موقع الآمنة على شبكة الانترنت بحيث يمكن للجهات التي تنوي الدخول في المنافسة قراءة تفاصيل كراسة الشروط والمواصفات قبل شرائها، وحقيقة تشكر أمانة جدة على هذه المبادرة الجريئة، وقد حاولت بعض الجهات مشكورة أيضا أن تساهم في نشر بعض المعلومات عن المنافسات التي تقدمها الجهات الحكومية، حيث قام (مجلس الغرف التجارية) بنشر عقود بعض الجهات الحكومية والتي تحتوي على اسم الجهة التي تمت ترسية المشروع عليها وقيمة العقد إلا أنها لا تكفي لنشر الشفافية بالشكل المطلوب، كما أن الموقع قليل التحديث، وأعتقد أنه يشكو من عدم تعاون الجهات الحكومية بتزويده بالمعلومات الكافية لنشرها على الموقع، وفي محاولة لنشر الشفافية أيضا قامت (مديرية المياه بالرياض) قبل تحويلها إلي شركة بنشر بيانات ترسية مشاريعها بالجرائد المحلية، كما قامت أمانة المدينة المنورة بخطوة جديدة أيضا؛ حيث تقوم حاليا ببيع كراسات الشروط والمواصفات عن طريق الانترنت.
وآمل في القريب العاجل أن يتم إضافة بند إلزامي في لائحة المنافسات العام يجبر الجهات الحكومية بنشر تفاصيل منافساتها على مواقعها على الانترنت أسوة بأمانه جدة، لمزيد من الشفافية ولتكون المنافسات أكثر مصداقية وتخدم الصالح العام بجذب عددا أكبر من المتنافسين.
وفي مقابل هذه الشفافية تجد بعض الجهات التي أهلكتها البيروقراطية الحكومية، لا تسمح حتى بالسؤال عن المنافسة قبل شراء كراستها أو حتى بمعرفة أسعار بقية المتنافسين بعد فتح المظاريف، بحجة أنه مخالف للأنظمة، وأنها معلومات سرية، فإذا كانت مخالفة للأنظمة لماذا تجد أمانة جدة تنشر منافساتها بالتفصيل الممل ونجد جهات أخرى على الأقل تنشر أسعار المتنافسين على لوحة الإعلانات داخل قسم المشتريات.
وبما أننا تطرقنا في هذا المقال لموضوع المنافسات الحكومية أحب أن أضيف بعض الملاحظات عليها، حيث إن الكثير من الجهات تضع كراسة الشروط بصيغة غير واضحة والهدف من بعضها هي أن يستخدم حق (الفيتو) ضد العرض الأقل سعرا سواء بحسن نية أو سوء نية والفيتو هنا هو أن المواصفات غير مطابقة للشروط ، كما أن بعض الشروط العامة في المنافسات تخالف نظام المنافسات الحكومية العام وهو تناقض واضح وغريب في الأنظمة، أما الأمر الآخر وهو من الناحية المالية؛ حيث إنه مع الأزمة العالمية وتوقف البنوك حتى عن تمويل الضمانات الابتدائية والنهائية والمشاريع، تجد أن أنظمة الدفعات في بعض الجهات عقيمة شحيحة فنسبة الدفعات غير متناسبة، ولا حتى متقاربة مع نسبة الأعمال المنجزة، والمصيبة تعظم عندما يغلق على معاملة صرف المستحقات داخل أدراج أحد الموظفين عديمي المسؤولية لفترة طويلة دون وجه حق ،رغم أنها تتصل لمئات الملايين، وأقترح هنا أن تقوم البنوك بتوقيع اتفاقياتها مع الجهات الحكومية لتمويل المناقصات بحيث يطلب المقاول التمويل من البنك بناء على نسبة إنجاز المشروع وخطاب جودة أداء من الجهة الحكومية إضافة إلى الضمانات التي تطلبها البنوك، لتسهيل إنجاز المشاريع التي تعثر الكثير منها بسبب تأخر الصرف وضعف التمويل، مما ساعد في عدم تحقيق الخطط التنموية المعتمدة في الميزانيات السابقة.
faisal@fharbi.com