هناك مديرون يلوثون بيئة العمل كما يتلوث الماء بأي مادة أخرى، وهناك مديرون يلوثون بيئة العمل كما يتلوث المناخ بالأتربة والغازات السامة ورائحة عادم السيارات، وهناك مديرون ينخرهم الكساد المعرفي والضعف الفكري في الفن الإداري وفي أسلوب إدارة العمل والأفراد،
فيبيتون يقتاتون على تسخير معطياتهم الشحيحة في الإدارة وفق إيديولوجية تم إعدادها لهذا الغرض، إنهم يحولون جو العمل إلى جو خالٍ من الأوكسجين، جو مليء بثاني أكسيد الكربون، جو يعبق بالسقم والعلة، جو مليء بالميكروبات القاتلة التي لا تقبل العلاج بالمضادات الحيوية ولا بأي علاجات أخرى، إن هؤلاء المديرين أصحاب فكر قاصر غير قابل للتغير أو التبديل، لديهم سلوكيات ممزوجة بالنقص النفسي المركب، مع إحباط وضياع وتشتت روحي رهيب، عبثاً يحاولون تعويض ذلك بفرض آرائهم التعسفية تسلطاً وعنفاً، أنهم يملكون تراكمية معرفية إدارية سطحية ضئيلة هشة وقابلة للانكسار، إنهم جاءوا بالمصادفة، وعملوا بالمصادفة، وتبوأوا المناصب الإدارية العليا بالمصادفة، دون أدنى فكر في الإبداع والتنظيم والتخطيط ووضع استراتيجيات العمل، إنهم يعيشون واقعاً مريراً، مثل واقع الجراثيم والطحالب التي تعيش في المستنقعات الآسنة، مساهمين بفعلهم هذا في واد العقل والفعل والخيال الإبداعي للموظفين الآخرين، ان جل هم هؤلاء هو العمل على بث الفكر الإداري المتخلف، والعمل على تصفية الحسابات معدينها عبقرية وفضيلة، لقد وصل بهم الحال إلى محاولة إلغاء الآخر، والعمل فقط على التحريف والتسويف وتسويق الأوهام، دون أن يهتموا ببناء المنشأة وتطويرها وتأهيل كوادرها، بل أصبحوا مجرد حجر في مستنقع راكد، انهم اعتمدوا في علاقاتهم في العمل على الأساليب الملتوية والمتبدلة والمتغيرة، بعيداً عن المصداقية ومبدأ العقل والحلم وبعد النظر والتصويب الجيد نحو الهدف، انهم يحاولون الاستحواذ على كل شيء، وحتى أحلام الموظفين الصغار يحاولون مصادرتها والقضاء عليها، ان الجدير بهؤلاء أن يهتموا بالإبداع والرقي، لا بالتسلط وتكريس مفهوم العدوانية ونسف مجهود الآخرين، ان عليهم أن يكونوا نخلاً أشم، وبحاراً ذات مدى، وبيد جود، وخرائط آنفة، وتضاريس شيم، لا أن يصبحوا مجرد ورقة ملفوفة بشكل بهلواني، أو سلوكا مثيرا للسخرية، أو منطقا أعوج لسلوك غير منضبط، يدعو إلى الضحك والبكاء في آنٍ واحد، ان الإدارة فن رائع وجذاب، ودفقات كبيرة من الابتكار والاختراع، وهي كيفية صناعة الخروج من الأزمات، وحرفة مهنية يجيدها الأذكياء، ولعبة فنية خالية من الاعتداء والعدوانية، ان الإداري الناجح هو الذي يكون أكثر انفتاحاً، ويملك القدرة على التنظيم والمشاركة الفعّالة، ويعرف كيف يبصر ألوان الطيف، وخطوط المطر الساقطة، واستيعاب واقع الحال وصياغته وفق رؤية شاملة ومبتكرة، من أجل الارتقاء بالمنشأة ودفعها إلى الأمام بتجديف هادئ ذي رتم إيقاعي متناسق وجميل.
ramadan.alanazi@aliaf.com