الموشحات التي لا تزال تطنب بنداءات برامج الصيف الترفيهية والتسوقية في كل مدينة وقرية في بلادنا لا تخرج عادة عن نمط واحد يتمثل بأن صيفنا هو الأجمل، وإجازتنا هي الأكثر تميزاً، وعطلتنا مشبعة بالرذاذ و(البراد). وعلى هذا المنوال تذهب هذه الرؤى لكن دون أن تحقق أية مكاسب معنوية تذكر.
فمن يقصد هذه المهرجانات لا يجد فيها أي جديد قد يجذب الكبار، أما الصغار فإنهم قد يجاملون بالصفير والتصفيق، وربما يتيقنون بمن يزعم أنه يُرفِّه عنهم، ممن يتشقلب، أو يتلوى، أو يتنطط أمامهم أنه لا يعدو مجرد ممثل عادي جُلب بشبه أجر، إن لم تكن ساقته الرغبة المحضة بالعمل دون مقابل.
فمهرجانات الصيف باتت تبحث عن أي مكاسب مادية، وهي بذلك -للأسف- تهدر الوقت الصيفي، وتمزيق أوصال الإجازة، فلو تم البحث عن فكرة أكثر جدية من فكرة هذه المهرجانات لأراحوا واستراحوا من عناء البحث عن أي شخص يعمل بأدنى أجر، وبأقل موهبة ترفيهية، أو دعائية.
فلو توجه اهتمام رواد هذه المتنزهات، ومشاهدي شبه هذه المهرجانات نحو العمل الخيري، أو العمل التطوعي، أو الأعمال التدريبية المفيدة، وتنظيم المسابقات التراثية والبيئية في أماكنها الأصلية كالمزارع والمتاحف والبيوت القديمة والقرى الأثرية، دون داعٍ لتواجد الأسر، وحشدها في هذه الأماكن العامة دون طائل.
فليت وزارة التربية تعيد أسبوع الشجرة، وأسبوع النظافة، وربما يزاد عليهما أسابيع ثلاثة أخرى في مجال البيئة، والصناعة، والتجارة، والتدريب على أعمال الخير، والتنسيق مع الجهات المختصة في مجال التراث حتى ولو بدور بسيط، يُعوِّدهم على حب العمل، وفعل ما هو إيجابي.
ونؤكد أننا لا نريد من وراء ذلك أن يتحول الطلبة المنهكون من الدراسة إلى عُمَّال أو أجراء عند بعض المحلات، ولا نريدهم في ذات الوقت كسالى، ومجهدين من سهر الفضائيات، وضجر المناسبات، وتداخل الأوقات، وخواء اللقاءات ونمطيتها على نحو هذه المهرجانات الصيفية التي لا تأتي بجديد.
فإن تمت هذه الأسابيع الستة تكون الإجازة، قد أو شكت على النفاد، وخدم الطفل والشاب مدينته بوعي يتقاسمه مع الجميع؛ أسرة ومسئولين، وذلك من خلال توجههم للمزارع، أو المعامل أو الجبال أو الأودية أو أي مكان يشدهم إلى الحياة التي درج منها أهلهم، فلا مانع أن تعمل مسابقة في حقل، أو أن تكون هناك مساهمة رياضية في مكان عام.
فقد لفت الانتباه هذه الأيام أن بعض الاستراحات تتحول إلى معارض تشكيلية، وبعض المزارع يقام فيها مسابقات عفوية تجتذب ما تيسر من الناس، أما المهم أولاً أن نعيد ترتيب هذه المهرجانات الحالية، ونوقف الكثير منها، لنقوم بقراءة الجدوى، ومعرفة ما تم إنجازه وما حجم الإخفاق في مثل هذه المحاولات الترفيهية التي باتت تتشابه، وكأن لسان الواقع يقول بأعلى صوته: (صيفنا مثل غيرنا).
hrbda2000@hotmail.com