بيروت - هناء حاج
لم تكن سهرة الفنان محمد عبده مثل غيرها من السهرات لهذا الموسم، بل كانت كما صيف بيروت مزدحماً وحاراً ومليئاً برطوبة المياه العذبة منسابة مع عذوبة صوته، فقد اكتظت صالة الحفلات الكبرى في فندق الفينيسيا بعشاق فنان العرب الذي جاءوا من كل حدب وصوب، من بيروت والجبل والمصايف ومن سورية والكويت والسعودية، ليستمتعوا معه بأجمل ما غنى وما لا يمكن أن يشبعهم سوى سماعه مباشرة.
وشهدت الصالة حضوراً من نخبة المجتمع من الدرجة الأولى. وتميز بالحضور بذاك الخليط الكثيف من كل الأعمار تقريباً من كبار وشباب ملأوا المكان فرحاً.
في بداية السهرة غنت الفنانة الجديدة إيليان محفوظ التي قدمت بخفة دمها بعض الأغنيات التي سبق وسجلتها عبر برنامج (ذا مانجر الذي انطلقت منه) استعداداً لحضور محمد عبده. وما إن أعلن وصول الفنان محمد عبده إلى الصالة حتى علا الهتاف والتصفيق ترحيباً به، وهو كعادته بادل جمهوره التحية لينطلق بأجمل ما غنى.
أما الأغنيات فقد قدم محمد عبده أكبر مجموعة منها كل جديده، والكثير من (بحر العيون) و«واحشني زمانك»، وتميزت الليلة بما غنى به محمد عبده من أغنيات إيقاعية شبابية وكان في الصالة الكثير من الشباب.
إلا أن الأسلوب الذي أتعبه في الحفلة فقد ابتكر طريقة جديدة في الغناء فقد اختصر من إعادات مقاطع الأغنيات ليقدم أكبر مجموعة، وعلمنا من مصدر بالفرقة أن محمد عبده كان قد جهز أكثر من 30 أغنية منها لتكون مجموع أغنيات الحفلة تقريباً، لكنه اعتمد أسلوباً بأن قدم في القسم الأول من البرنامج قرابة 12 أغنية، وترك القسم الثاني مفاجأة للجمهور.
وبعد الاستراحة قلب الأوراق ولم يعتمد عليها وغيرها وإذ بالقسم الثاني يتحول إلى أشبه ببرنامج (ما يطلبه المستمعون) إذ وصل للفرقة أكثر من 70 ورقة طلب أغنية، وحاول محمد عبده أن يرضي كل الأذواق ويحقق معظم الطلبات، وهنا كانت المفاجأة الأكبر إذ إن الفرقة الموسيقية لم تكن قد تمرنت على كل الأغنيات المطلوبة إلا أن قيادة الموسيقي إيلي العليا الجديرة وتدريب فرقته جيداً على معظم أرشيف محمد عبده تمكنت من أن تلبي كل الطلبات.
ومن الأكيد أن هذا الأمر لا يجرؤ على فعله إلا الفنان الواثق من نفسه وقدراته ومن جمهوره، ولديه كل الثقة بفرقته الموسيقية المحترفة، فقد لاحظنا أن محمد عبده يومي إلى العليا برأسه ويسأله عن ورقة طلب لأغنية وصلت إليه ويأخذ الموافقة على العزف (كل الأغنيات) كل هذا يحصل بثوانٍ دون أن يلاحظ الجمهور الأمر لتعود الصالة إلى الحياة ونبضها مرة جديدة مع (أنوار الأغنيات المضيئة في روح الجمهور الحاشد)، وباختصار فإن سهرة فنان العرب محمد عبده كانت فظيعة بحضوره وفظيعة بجمهوره ايضاً.
وغنى فنان العرب (على البال وبنت النور وصوتك يناديني وكل ما نسنس وأعترف لك ويا من يراعيني واختلفنا وشبيه الريح وبحر العيون ومحتاج لها ولي ثلاث أيام والأماكن وواحشني زمانك ومذهلة وناعس الجفن وما عاد بدري وأيوه وختمها بأغنية مستجيب للداعي).