دور - سماحة - الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، - مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء - في إبراز حقيقة الإسلام وقيمه السامية، والتصدي لظاهرة كراهية الإسلام، وتشويه صورته وقيمه، وإدانة الإرهاب بجميع أشكاله وصوره، ورفض أي مبرر أو مسوغ له، وتحريم كافة الممارسات الإرهابية، وجميع أشكال دعمها وتمويلها والتحريض عليها، هو دور واضح في تعزيز منهج الوسطية، يتأتى ذلك من خلال محاضراته ودروسه وخطبه عن طريق معايشة الواقع، ومخالطة الناس، وبيان الأحكام الشرعية لتطبيقات الفكر المنحرف، وإتاحة المناقشة في الشبهات للرد عليها مهما بدت شاذة، والتأكيد على أهمية تجرد الحق والوعي بخطر مجافاة الحقيقة، كل ذلك حتى يستقر الأمن الفكري.
ما سبق بيانه، كان صورة للقاء - سماحة - الشيخ مع أعضاء الوفد الأمريكي من جمعية القرآن والسنة بنيويورك - قبل أيام - حين بيَّن سماحته في كلمة ألقاها على أعضاء الوفد أن: (الإرهاب لفظاً يُراد به الفئة التي تظلم الناس، وتقتل الأبرياء، وتدمّر الممتلكات والمنشآت، وهذا الفعل الإسلام بريء منه، وليس له في الإسلام صلة، إنما هذا من فعل بعض من يسيء للإسلام، وإلا فالإسلام بريء من ظلم الناس).
فديننا دين سماحة، يمتاز بالوسطية وعدم الجنوح للتعصّب أو التطرف، وهو مصداق قول الله - تعالى - : (وَكَذَلِكَ جَعَلنَاكُم أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيكُم شَهِيدًا)، فمناط الشهادة في هذه الآية على الأمم قائم على هذه الوسطية. كما حارب الإسلام الغلو والتطرف ومقت أهله، فقال - تعالى - : (يَا أَهلَ الكِتَابِ لاَ تَغلُوا فِي دِينِكُم)، فالوسطية هي شمول في التصور وتكامل في السلوك، وتغطية للأصول وتيسير في الفروع، وارتباط بالأصل واتصال بالعصر، وهي التزام بميثاق الله، كما أنها أبرز الأدوات لمحاربة الغلو والتطرف.
العجيب في الأمر، أن من الغرب من دعا إلى البحث عن تسمية بديلة ودقيقة لمصطلح الإرهاب الإسلامي، الذي يطلق على العمليات التفجيرية، والتي ينفذها إسلاميون متشددون. فها هي - الكاتبة البريطانية - (كارين آرمسترونج)، تقول: (رغم أن تلك الهجمات ينفذها أشخاص باسم الإسلام، فإنهم ينتهكون المبادئ الأساسية للإسلام، والبعض يستغل مثل تلك التسميات لأغراض سياسية). فالإرهاب لا علاقة له بالدين الإسلامي، فهو لا دين له ولا وطن، والإسلام بريء من هذه الأعمال.
أهم ما يمكن إضافته فيما تبقى من مساحة، هو التأكيد على ضرورة تبني مشروع الوسطية بعقلانية وتخطيط واقعي شامل عن طريق التقاء أهل العلم والفكر والرأي، والعمل على بلورة مشروع حضاري إسلامي يتوافق مع رسالة الإسلام، وتفعيل الخطاب الإعلامي الوسطي، مع الاهتمام بالجوانب النفسية والسلوكية لمواجهة الغلو والتطرف، والأسباب التي تدفع الشباب لها.
drsasq@gmail.com