لم أستغرب أن المراكز الصحية تمثل 75% من الخدمات التي تقدمها وزارة الصحة للمواطن، لكنني استغربت فعلاً كيف لم ترتق تلك المراكز الصحية التي تمثل خط الدفاع الصحي الأول للمواطن في مختلف مناطق ومحافظات المملكة، لم ترتق بخدماتها الصحية إلى الحد الأدنى من الرضا للمواطنين حتى الآن، رغم ما كتب عنها في الصحافة في مختلف وسائل الإعلام المحلية، ويكفي أن أذكر لكم ما يدور في مجالسنا عن تلك المراكز وما يكتب في ساحات الإنترنت والمنتديات الإلكترونية من مشكلات مزمنة تعاني منها تلك المراكز الصحية حتى اللحظة: عدم تفعيل الملف الصحي للمريض والتسجيل فيه، عدم عمل العيادات التخصصية (التطعيمات، الأمراض المزمنة، الحمل) كذلك، عدم سماع صوت المواطن المراجع لتلك المراكز من خلال صناديق الاقتراحات والشكاوي أو الاستبيانات الدورية، ومقابلة المستفيدين من الخدمة الصحية في تلك المراكز. مديرو تلك المراكز الصحية بالرياض وغيرها من مدن المملكة، يتحملون جزءاً كبيراً من ضعف أداء موظفيها وعدم انضباطهم في الحضور والانصراف. مما يستلزم منح مديري تلك المراكز المزيد من الصلاحيات في العمل الإداري ليتمكنوا من محاسبة المقصرين في أعمالهم خاصة وأن تلك المراكز الهدف من قيامها هو تقديم الخدمة الصحية الأولية للمواطن.. وهذا لا يتحقق إلا بتوفر بيئة صحية نقية من أمراض الغياب والتأخر واللامبالاة، والجمود الوظيفي.
وهنا يجب التذكير بعدد من مطالبات المواطنين الذين اكتووا بهذه المراكز ومنها: تفعيل دور الملف الصحي الإلكتروني وبرنامج الحاسب الآلي بالمراكز وربطه بشيكه اتصال مع المستشفيات الحكومية الكبرى، لنقل أي معلومة يحتاجها المريض إلكترونياً، وتأسيس مكتبة طبية بكل مركز تضم أدلة العمل بالعيادات والمجلات والكتب الطبية الدورية، وتفعيل دور لجنة أصدقاء المرضى، ومنح منسوبي تلك المراكز على اختلاف شرائحهم دورات تدريبية ليتمكنوا من فن المعاملة الحسنة مع المرضى وتوفير كافة الخدمات لهم، بل وقياس مدى رضا المراجعين لتلك المراكز الصحية المنتشرة في أحيائنا عن الخدمات الصحية، بل لما لا تفكر وزارة الصحة في عهدها الجديد في تقديم جائزة للتميز سنوياً لأفضل مركز صحي، مما سيرفع مستوى التنافس بينها في تقديم الخدمة الصحية للمواطن في حيه، قبل أن يضطر لمراجعة المستشفيات الكبرى أو يهرب إلى المراكز الخاصة.
والسؤال المر: متى ترتقي المراكز الصحية بخدماتها العلاجية المجانية التي ينتظرها الكثيرون من المواطنين الذين لا تسمح ظروفهم المعيشية بتحمل المزيد من المصروفات من أجل الحصول على الخدمة الأولية والرعاية المستحقة لهم ولأبنائهم؟.