ولد ونشأ وترعرع في هذه البلاد المباركة، تعلم في مدارسها، وصلى في مساجدها، ونهل من مبادئها، وأثرت فيه عاداتها وتقاليدها، فطرته سليمة لم تلوثها الشركيات ولا البدع، ومنهجه مستقيم لم تغيره الأحزاب ولا الجماعات، أمضى من عمره أكثر من ثمانية عشر عاماً لم تر عينه ضريحاً يُزار، ولا قبراً يطاف حوله، ولا شجرة يتبرك بها، ولا ميتاً يتوسل به، ولما عاد إلى بلده، أحس بالفرق الشاسع، والبون الواسع بين هذه البلاد وغيرها من بلدان العالم، فما كان منه إلا أن كتب يقول:
اشكروا الله -عز وجل- على ما أنعم به عليكم، وميزكم به عن غيركم، فقد منَّ عليكم بنعمة عظيمة ألا وهي نعمة التوحيد، أعظم النعم، التي تتعلمونها في مدارسكم، وتشاهدونها واقعاً في مساجدكم، وتحسون بها في مجتمعاتكم.
ويقول: إن لولاة أمركم، أمراء وعلماء، دوراً بارزاً، لمحاربة ومنع كل أمر من شأنه المساس بالعقيدة الحقة وبالمنهج السليم والدين الصحيح.
يقول: إني أتذكر الآن خطيب الجمعة، وهو يحذر من الأحزاب الضالة، والجماعات المنحرفة، ويحث على السمع والطاعة. أتذكر جارنا التاجر، وهو يقفل متجره وقت الصلاة، ويمر بنا ونحن نلعب، فيأمرنا بالصلاة، فنذهب إلى المسجد لنصلي، وبعد الصلاة نتحلق لحفظ كتاب الله تعالى، فيقف يدعو الله لنا قائلاً: أسأل الله أن ينفع بكم الإسلام والمسلمين.
يقول: مشاهد ومواقف اتذكرها وأنا أتلذذ بذكرها، فقد عدت إلى هنا - يعني بلاده - فادركت نعمة الله عليكم، وأحمد الله عز وجل، فقد استفدت كثيراً، وتعلمت كثيراً، أنظر إلى من حولي وأتمنى لو وفقهم الله مثلي ونشأوا في تلك البلاد الطاهرة، بلاد التوحيد والعقيدة السليمة، والعبادة الخالصة، المملكة العربية السعودية.
* حائل، ص ب 3998