Al Jazirah NewsPaper Friday  07/08/2009 G Issue 13462
الجمعة 16 شعبان 1430   العدد  13462

رياض الفكر
ابتسم
سلمان بن محمد العُمري

 

من النعم العظيمة في ديننا الإسلامي، أن للمصادقة أشكالاً عديدة، يستطيع أن يقوم بها الفقير كما يقوم بها الغني، ويقوم بها الصغير كما يقوم بها الكبير، ويقوم بها الذكر كما تقوم بها الأنثى، وكل شرائح المجتمع على اختلافهم ما دامت النية موجودة، والإنسان الذي سلمت نيته، وأخلصها لله وحده، يكون سلوكه كله عبادة لله، وربما صدقات يتبع بعضها بعضاً، وأفعال خير دائمة مستديمة بإذن الله، فالكلمة الطيبة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من فعل الخير، وخطواته تحمله للخير، ويداه سباقتان للخير، وحتى البسمة التي تصدر من ذلك الإنسان هي صدقة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وتبسمك في وجه أخيك صدقة)، نعم حتى بسمة المؤمن، وبشاشة وجهه أمام أخيه المؤمن هي صدقة، ونعم الثواب لتلك الصدقة.

فتصبح الصدقة من الأفعال اليومية الدائمة المستمرة، التي ينعكس أثرها الإيجابي في الفرد والأمة على حد سواء، فالفرد ينال فائدتها الدنيوية، وفي الآخرة ينال ثواباً من الله عز وجل، والأمة تمثل سعادتها انعكاساً لسعادة أبنائها، فالمجتمع المسلم بنيان مرصوص يشد بعضه بعضاً.

وهذه البسمة تثلج قلب متلقيها، وتمنح السعادة للذي عبر عنها، والله سبحانه يعلم سرائر الأنفس، وما تكن الصدور، ويعرف لحظات السعادة والمشاعر الحقيقية، ولذلك جعل الابتسامة الصادقة من أفضل الصدقات، وهذا فضل من الله تعالى الذي جعلنا نعيش في بحار من النعم، يقول تعالى:(وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا)، ولكن الذي يشعر بتلك النعم هو المؤمن الحق، الذي يرى النعم، وربما لا يراها غيره.

بالتأكيد ليس كل إنسان يمارس البسمة التي تحمل صفات الصدقة، فالبسمة وسيلة تعبيرية تعبّر عن كائن هو الإنسان الذي يختلف من شخص لآخر، وحسب الظروف والمتغيرات، وبقدر ما يصل الإنسان بنفسه إلى درجات كريمة وطيبة بقدر ما يستطيع أن تكون كل سلوكياته وتعابيره، ومن البسمة أفعال خير وصدقات، والعكس يحصل مع الذي أظلم قلبه ومضمونه، فكشرت شفاهه وأسنانه وعبس وجهه، فهذا أبعد ما يكون عن الصدقة.

بالطبع البسمة في وجه الأبناء، والزوج والزوجة، والأقارب، والأصدقاء بل ومن تقابل ممن عرفت وممن لم تعرف، هي كلها من أنواع الصدقة ما دامت في إطار فيه الخير والحب الصادق بين الإخوة في الله.

إن الحياة تأتي بمتغيرات عديدة، وقد تجعل أحدنا في لحظة من اللحظات بعيداً عن البسمة لسبب ما، ولكن الثقة بأمر الله هي التي تجعل البسمة لا تغيب عن داخل الإنسان المؤمن، وإن غابت لفترة لابد أنها راجعة بإذن الله، نعم لابد أنها راجعة فعلاً دائماً مستديماً للخير، وحباً لهذا الفعل ولأهله، وتبسماً في وجه المؤمنين، ومعين الخير لا ينضب.

ولقد شدني خبر صغير يحمل معاني كبيرة، ومهمة، ومضمون الخبر:( خوض 112 ألف طالب وطالبة العام المقبل تجربة التعلم على الابتسام، وأن منسقي برنامج (ابتسم) في وزارة التربية والتعليم، والهيئة العامة للسياحة والآثار، سيعقدون لقاءات مع مديري ومديرات النشاط الطلابي في المناطق التعليمية، وسيتم لهذا الغرض تأهيل (545) مدربة من المعلمات، و(2600) مدرب من المعلمين)، ولا نريد أن تنقلب الابتسامة إلى ضحك وهرج ومرج كما في التمثيليات المائعة.

وهذه الخطوة تحسب لهاتين الجهتين، وكم نحن بحاجة إلى غرس هذه الخصلة الطيبة التي حثنا عليها ديننا الإسلامي، وهي بادرة إيجابية نحن بحاجة إليها في مجتمعنا كله، شيباً وشباباً، نساءه ورجاله، لنمحو العبوس و(التكشيرة) من أوجه بعض الناس، لعل وعسى أن نرى بياض أسنان هؤلاء أو صفارها.

* * *

... وقفة .. يقول الشاعر عبدالمجيد العُمري:

تبسم تبسم وخلِّ الهموم

وخلِّ الغموم وخلِّ الضجر

ولا تشتكي من صروف الزمان

ولا تشتكي من طعون البشر

وغرد بحلمك فوق النجوم

وكن طامحاً تجنى طيب الثمر

ولا تبتئس إن بدا عانقاً

فعقب الغمام نزول المطر

alomari1420@yahoo.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد