شرع الله الزواج وجعله آية دالة على عظمته سبحانه، فقال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} وسنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله وفعله، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: { يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ}، (متفق عليه)، والزواج من سنن المرسلين، قال تعالى: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً}.
وإن الزواج من النعم التي تتحقق فيها المصالح، فمن أكبر النعم أن يحظى المسلم بزوجة صالحة ديّنة تقية، طاهرة نقية، إذا غاب عنها حفظته في نفسها وبيته وماله وولده، وإذا حضر أكرمته وأعلت منزلته، وهونت عليه أحزانه، وشتت همومه، وأذهبت غمومه. هذه هي الزوجة الصالحة، قوّامة بالليل، صوّامة بالنهار.
وإننا في هذه الأيام نمر بأيام نشهد فيها معالم هذه النعمة والتي تبدأ بحفل الزفاف وهي مرحلة جديدة تستوجب أن تكون بداية الشكر للباري والحذر من الجحود والعصيان. وأكرر الحذر كل الحذر من كفر النعم على كافة المستويات، الزوج والزوجة وأولياء أمورهما، فلقد قال تعالى: { لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}، ويقول عز وجل: { وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ)}. وأن نعلم أن هذه المرحلة مرحلة تبدأ بشكر الباري وتستمر بمراعاة الحقوق والواجبات، فلقد وضع الإسلام الذي ندين لله به حقوقاً على الزوجين، وهذه الحقوق منها ما هو مشترك بين الزوجين، ومنها ما هو حق للزوج على زوجته، ومنها ما هو حق للزوجة على زوجها والحياة الزوجية بحقوقها وواجباتها والتزاماتها تشكّل صرحاً جميلاً يعجب الناس منظره. وأي نقص في أي حق من الحقوق الزوجية يسبب شرخاً عظيماً في بناء الأسرة المسلمة وما يتبع ذلك من أثر ضار ومدمر ليس على الزوجين فحسب بل انطلاقاً منهما ومروراً بالأبناء ثم بالمجتمع الذي ينتظره عواقب وخيمة.
ولذلك فإن التحلي ببعد النظر وتقدير عواقب الأمور والمسؤولية المشتركة تعتبر من متطلبات الحياة الكريمة التي ينشدها أي مسلم ملتزم بدينه قائم بواجباته.