يعمد الفنان التشكيلي أو الفنانة التشكيلية إلى تقديم أنفسهم للساحة من خلال إقامة معارض شخصية لنتاجهم ومنجزاتهم في هذا المجال بين الفينة والأخرى وهذا التوجه هو أمر مسلّم به وبديهي في ساحة التشكيل كغيرها من ساحات العطاء والإبداع وعادةً يعمد الفنان أو الفنانة إلى تقديم نفسه لجمهوره من خلال معرض شخصي يتضمن آخر تجاربه ومنجزاته أي أنه في كل مرة يسعى إلى تقديم الجديد والمرحلة التي وصل إليها بل إنه يسعى إلى طرح كل المعطيات التي استجدت في أعماله سواء في مجال الفكر والمضمون أو القيم الجمالية والتقنية وبالتالي فهو حتماً سوف يقدم نفسه من خلال عطاء مرحلي جديد أيضاً.. لكن ما يحدث لدينا في الساحة التشكيلية المحلية أمر يدعو فعلاً للعجب فلك أن تتصور فنانا أو فنانة تشكيلية والحكاية لدى الأخير تبدو أكثر من الفنان وبمراحل أيضا أقول أن تجد فنانا أو فنانة لا يتجاوز عمره الثلاثين ومع ذلك يعلن عن عزمه على تقديم معرضه الشخصي العاشر أو الثاني عشر يبدو لي الأمر غير مقبول وغير عادي فمن المتعارف عليه أن المعارض الشخصية هي نافذة للتجارب والحلول الجديدة لدى الفنان بدت لي هذه الإشكالية عندما قرأت مؤخراً عن عزم إحدى الفنانات التشكيليات (؟) على تقديم معرضها الرابع عشر مع العلم بأن عمرها في الساحة التشكيلية لا يصل إلى أصابع اليد والأدهى من ذلك كله هو تلك الاحتفالية الإعلامية المصاحبة وهذه الزفة (المتعوب عليها) حقيقة أمر يدعو للدهشة والغرابة فإذا كان الفنان العالمي أبو الفن الحديث (بول سيزان) لم يقدم نفسه للساحة من خلال معرض شخصي إلا بعد أن تجاوز الستين من عمره وغيره من الفنانين الكبار والذين عاشوا عمراً طويلاً ومع ذلك لا تتجاوز معارضهم أصابع اليد الواحدة.
لست ضد حماس الفنان أو الفنانة ولا ضد طموحهم ورغبتهم في الحضور لكني في الوقت نفسه لا أتفق مع هذا التكرار وهذه الارتجالية في العرض وضد هذا التلميع الإعلامي الذي يمارسه البعض تجاه أسماء فنية من الجنسين ممن لا يزالون ألف باء فن.. ومع إيماني أيضا بحق الفنان أن يقدم نفسه لجمهوره ولكافة المتابعين من خلال معارض شخصية إلا أنه من الواجب على الفنان نفسه أو الفنانة بأن يكونوا أكثر حرصاً على تقديم أنفسهم من خلال معارض شخصية تحمل الجديد وحداثة التجربة وثراءها بكل المقومات الفنية والفكرية والتقنية والجمالية بعيداً عن التكرار والطرح الممل الذي لا يضيف للفنان نفسه أو للساحة أي جديد...
Sada - art@hotmail.com