الفرق بين الرأسمالية والاشتراكية كبير جداً، لكنه في الأيام القليلة الماضية ضاق حتى ظننا أن الرأسمالية انطوت بعد عز تحت مظلة الاشتراكية، وكلا النظامين لهما ما لهما وعليهما ما عليهما، فالرأسمالية في أحلى معانيها هي تدفق رأس المال بحرية كاملة فلا سلطة للدولة على الرأسماليين سوى سلطة فرض الضريبة، وهي ضريبة متدرجة، فكلما زاد رأس المال أو الأرباح أو الدخول، زادت الضريبة والعكس صحيح. تقوم الدولة بترجمة ما تجنيه من الضرائب في إنشاء البنية الأساسية وفي التخطيط لخدمات الماء والكهرباء والعلاج والدراسة وتقديم العون للأسر الفقيرة والعاطلين عن العمل.
أما الاشتراكية فهي دعوة إلى تكاتف قوى الشعب العاملة، وهي في ظاهرها منحازة إلى الفقراء والمهشمين والأميين، بهدف الرفع من مستواهم المعيشي والتعليمي ولا يتم هذا إلا بقصقصة ريش الأغنياء، فما أن تبرز معالم الثروة على مواطن حتى تنقض عليه (قوى الشعب) - هذه العبارة غالباً ترمز إلى الدولة - ولا تتركه إلا بعد نتف ريشه وريش أهله معاً، ولذلك يلجأ الأثرياء في الدول الاشتراكية إلى التحليق بعيداً بثروتهم حتى يحين الوقت الذي يتمكنون فيه من اللحاق بها.
وغالباً ما تبدأ النظم الاشتراكية عن طريق انقلاب يتصدره عسكري مغامر، وعادة ما يبدأ هذا العسكري بزج الخصوم الامبرياليين في السجون ومصادرة أملاكهم وحالما ينتهي من هؤلاء يتجه إلى الرأسمالية الوطنية وتلك المقيمة في البلاد من الجاليات الأجنبية، فيصادر المصانع والمعامل والمباني ولا ينسى مع هذه المصادرات إعطاء تأشيرة خروج لكافة الأجانب بعد قصقصة ريشهم، أما الرأسمالية فإنه يقدم لأفرادها رواتب أو مخصصات لا تسمن ولا تغني من جوع!
وحالما يتم للاشتراكيين البند الأول من تحرير الشعب، يبدؤون نظامهم الأبوي الشامل، مصانع للفول والجبن والصابون والدواء والملابس يديرها الموظفون الحكوميون وتقريب أو توظيف الكثير من العسكر والمؤدلجين، فالدولة هي البائع للمواطن وبأبخس الأثمان أما الراتب فهو محدود، كافة الشعب موظف لدى الدولة، الفلاح والطبيب والعامل، لا أحد يملك معمله أو متجره أو مصنعه، تحشر الدولة نفسها في كل شيء، حتى التفكير يتم بأمر الدولة، ولن تجد إذا زرت دولة اشتراكية سوى نوع واحد تنتجه مصانع الدولة من الدواء أو الأجبان أو الملابس، حتى السيارات وأجهزة التلفزيون بدأت تقدمها الدولة في صناعة فلكلورية.
فاكس 012054137