Al Jazirah NewsPaper Saturday  01/08/2009 G Issue 13456
السبت 10 شعبان 1430   العدد  13456
المرضى النفسيون بحاجة إلى تفهم مشكلاتهم
حمود دخيل العتيبي

 

رأيته يغوص بين أرتال السيارات المزدحمة والمتوقفة عند الإشارة المرورية يتأبط علبة من المشروبات الغازية.. ينظر شزراً للجميع وحالته البائسة وملابسه الرثة ونظراته الزائفة تحكي ألم السنين الذي يعانيه ومن هم على شاكلته.. ينتفض فجأة ويركل إحدى السيارات بقدمه.. يتمتم بعبارات غير مفهومة وكأنه يشكو حاله للجميع.. يتجه إلى الطرف الآخر من الشارع وكأنه يبحث عن ضالته.. هذا هو حال بعض من نشاهدهم بين الفينة والأخرى أثناء تنقلنا بين شارع وآخر.. أو من حي إلى آخر.. أو ما تطالعنا به وسائل الإعلام المختلفة من أشخاص قد يكونون مهمشين في الحياة أو مرضى نفسيين فقدوا الأمل في العلاج المناسب حيث اتخذ البعض منهم البيوت المهجورة والحدائق المهملة أو تحت الكباري أو مرامي النفايات مسكناً يأوي إليه.. كما اتخذ البعض منهم الشوارع الضيقة والأحياء القديمة مكاناً يمارس فيه حياته الخاصة، بل إن البعض منهم معروف لدى سكان الأحياء بأسماء وهمية تدعو إلى التندر والسخرية. إن التعامل الخاطئ من جانب المجتمع مع هؤلاء المرضى الذين يُتركون بدون رعاية يهيمون على وجوههم في الشوارع ويُتركون فريسة لمرضهم المقلق من دون رعاية طبية أو حماية لهم مما قد يتعرضون له من الأذى البدني أو دهس السيارات أو الأخطار المحدقة بهم يزيد من سوء حالتهم النفسية، ويزيد بالتالي من خطرهم، حيث يتحوَّل البعض منهم إلى وحش كاسر يقوم بارتكاب جرائم مقلقة للأمن والوطن، وقد سمعنا عن ذلك كثيراً.. إن تلك القنابل الموقوتة والقابلة للانفجار في أي وقت تحتاج إلى المزيد من الرعاية التي قد تكون فقدتها في محيط الأسرة، أو لنقل المجتمع الكبير فهم في حاجة ماسّة إلى نظرة حانية من جميع مؤسسات المجتمع.. فهؤلاء غير مسؤولين عن تصرفاتهم عِوضاً عن أنه قد يقع البعض منهم في يد الإرهاب، أو مروجي المخدرات، أو محترفي السرقة، أو ممتهني التسول، وبذلك فالجميع يُشكل خطراً داهماً على أفراد المجتمع، حيث إن الكثير منهم غير مسؤول عن تصرفاته التي قد لا تكون محسوبة على هؤلاء، وبذلك فهم في حاجة ماسَّة إلى الرعاية الاجتماعية قبل أن يستفحل خطرهم وتصعب السيطرة عليهم فلا بد من تكاتف المؤسسات الاجتماعية المختلفة كدور الرعاية الاجتماعية والجمعيات الخيرية والمؤسسات المدنية التي يجب أن يكون لها دور كبير في تحمُّل الجزء الأكبر من الأعباء التي تثقل كاهل وزارة الصحة أو الشؤون الاجتماعية.. فمهما بذلت وزارة الصحة والشئون الاجتماعية من مجهود فلن تستطيع السيطرة والإيفاء بحقوق هؤلاء المرضى بدون مساعدة المجتمع.. لذا لا بد من مساهمة فاعلة من رجال الأعمال والمقتدرين والجمعيات الخيرية للمساعدة في تحمُّل جزء من هذه المسؤوليات، كما أن لوسائل الإعلام دوراً كبيراً في تسليط الضوء على حاجة هؤلاء المرضى للعلاج المناسب، فعندما تزوّدنا وسائل الإعلام المختلفة ببعض الرسائل الإعلامية عن هؤلاء تجعل الكثير من المقتدرين في المجتمع يتعاطف معهم.. كما أن تلك الرسائل تجعل الكثير من أفراد المجتمع يصحح طريقة تعامله مع هؤلاء المرضى.. لذا فلا بد من تكاتف جميع أفراد المجتمع ومؤسساته المختلفة في تبني هؤلاء وتوفير السكن الملائم والرعاية الصحية لهم بدلاً من ترك هؤلاء يهيمون على غير هدى.. كما أن على رجال الأمن مسؤولية كبيرة في القبض على هؤلاء وإيداعهم المصحات النفسية أو دور الإيواء المناسبة لحالتهم بدلاً من تركهم يُشكِّلون خطراً على أفراد المجتمع.. فكم من طفل رُوِّع وامرأة تعرضت للإيذاء من قِبل هؤلاء غير المسؤولين عن تصرفاتهم.. فهلا بادرنا إلى احتوائهم قبل فوات الأوان.. وفق الله الجميع لما فيه الخير والسداد.



Sanam109@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد