المسكن هو أحد أهم متطلبات الاستقرار الرئيسة في حياة الإنسان (فرداً أو مجتمعاً)، وهو أحد المستلزمات الأساسية لحياته، إذ يأتي في تسلسل أهميته بالنسبة لحاجات الإنسان بعد حاجة الطعام والملبس، كونه المكان الذي يقضي فيه جزءاً كبيراً من نشاطه الإنساني على المستويين الفردي والأسري. وتعدُّه تصنيفات الأمم المتحدة أحد المؤشرات الأساسية لقياس مستوى المعيشة. لذا فإن التحدي الذي يواجه صانع السياسة الإسكانية في أية دولة هو تلبية طلب أفراد المجتمع على اختلاف مستوياتهم الاجتماعية والاقتصادية من الوحدات السكنية بحسبان ذلك إشباعاً لحاجة إنسانية أساسية.
وتشير إحصاءات برامج الأمم المتحدة الإنمائية إلى أن ما يقارب ربع سكان العالم لا يحظون بالمأوى الملائم، كما يعيش مئات الملايين الآخرين في ظل ظروف متدنية للغاية.
إن كثيراً من دول العالم تعاني من وجود أزمات في قطاع الإسكان تتفاوت حدتها وطبيعتها تبعاً لمجموعة من العوامل (الاقتصادية، الاجتماعية). لكن تتجلى هذه الأزمة بشكل واضح في مجموعة الدول النامية، حيث ارتفاع معدل الزيادة الطبيعية في عدد السكان (الخصوبة)، بالإضافة إلى ارتفاع معدل الهجرة نحو المدن الرئيسة الأمر الذي أدى إلى حدوث اختلال ديمغرافي أثر بشكل واضح على مسيرة هذه الدول نحو تحقيق التنمية المستدامة بمفهومها الشامل، الذي يرتبط بتحسين نوعية الحياة وظروفها للأفراد بشكل خاص والمجتمع بشكل عام. والسكن يعدُّ أحد أهم المؤشرات التنموية التي تدل على تحسن مستوى المعيشة والحياة.
وفي المملكة العربية السعودية نجد أن معظم السياسات الإسكانية ترتكز بشكل أساسي على الدعم الحكومي لقطاع الإسكان من خلال التأثير على العرض، حيث تقوم الدولة ببناء المشروعات الإسكانية أو تمويلها ومن ثم تمليكها للمواطنين. والآن تلوح في الأفق أزمة إسكانية لا يمكن مواجهتها بالطرق التقليدية نفسها، كما لا يمكن للدولة أن تتحملها دون مشاركة فاعلة من القطاع الخاص عبر إقرار أنظمة الرهن العقاري وتجديد أنظمة الإسكان والعقار للتوافق معها.
واليوم ومع نضوج تجربة تطوير إسكاني يرعاه القطاع الخاص تبرز أهمية دعم ثقافة تطوير إسكاني توفر فرص الإسكان المناسبة لجميع شرائح المجتمع وفق قواعد السوق التي تضمن نشوء سوق إسكانية مدعومة بمقومات طلب وعرض حقيقية، ونحن بانتظار منظومة الرهن العقاري التي ينتظر منها أن تحقق شروط هذا الواقع.
****