د. حسن الشقطي(*)
على الرغم من تراجع سوق الأسهم في اخر ثلاثة أيام تداول إلا أنه تمكن من إنهاء أسبوعه بربحية نحو 108 نقاط أحرزها إثر صعوده القوي يومي السبت والأحد.
ويتصف هذا الأسبوع الذي أُغلق عند مستوى 5778 نقطة بعدم وجود مستجدات مثيرة يمكن القول إنها أوجدت لوناً محدداً لمؤشر السوق، وهذا الأسبوع يعد من الأسابيع الثلاثة التي تسبق قدوم شهر رمضان المبارك وبالتالي يتوقع أن تمثل عز فترات الإجازة الصيفية التي تبلورت بقوة في ضعف حجم التداولات اليومية التي انحدرت أو استقرت عند مستوى 4.5 مليارات ريال خلال اليومين الأخيرين من تداولات الأسبوع، إلا أن التساؤل الذي يثير نفسه هل انحدار مستويات السيولة المتداولة مرتبط فقط بفترة الإجازة الصيفية أم هناك عوامل أخرى مؤثرة؟ وخصوصاً إذا تذكرنا أن هذا الانحدار ظهر وترسخ ليس خلال هذين الشهرين بل منذ أكثر من خمسة شهور؟ فما الأسباب وراء وهن السيولة المتداولة أو ما يمكن أن نسميه بضعف السوق؟
السوق ينصاع من جديد
للمستجدات العالمية..
في ضوء عدم وجود محفزات إيجابية أو حتى مثبطات محلية قوية، عاد من جديد تأثير السعر العالمي للنفط في سوق الأسهم، وخصوصاً في ظل ظهور بعض التقارير المحلية التي تؤكد أن السيناريو الأكثر احتمالاً لتأثير السعر العالمي للنفط هو السيناريو المعتدل الذي يتوقع أن تتمكن فيه الميزانية السعودية من الخروج على وضع هادئ.. لذلك، فقد تمكن قطاع البتروكيماويات من مساندة ودعم مؤشر السوق في نهاية أيام التداول حتى تمكن المؤشر من مسح غالبية خسائره يوم الأربعاء.
هل ضعف التمويل البنكي سبب وهن
حركة التداول حالياً؟
اليوم الجميع يبحثون وراء أسباب حالة الضعف والوهن، حيث بدأ منذ عدة شهور يصيب حركة التداول في السوق، فبعد مستويات سيولة في حدود 18 مليار ريال، بدأت تنحدر حتى أصبحت 12 ملياراً ثم إلى 8 مليارات ريال، والجميع كان يعتقد أن الأمر سيتوقف عند ذلك.. إلا أن الشاهد أن هذا الانحدار لا يزال متواصلاً حتى بلغ معدل السيولة اليومية ما يناهز 3.5 مليارات ريال في أيام عديدة، وأصبح المتوسط المعتاد في حدود خمسة مليارات ريال، أي أن غاية ما يتطلع إليه المراقبون للسوق هو سيولة بمقدار خمسة مليارات ريال.. ولكن كيف جاء هذا الوهن؟ هل نتيجة ضعف في حماس المتداولين أم عدم رغبتهم في التداول؟ أم أن هناك مصادر تمويلية تم افتقادها في ظل أزمات متعاقبة وخصوصاً الأزمة المالية العالمية؟ في اعتقادي أن أحد أبرز أسباب ضعف حركة التداول هو ضعف التمويل البنكي للمستثمرين، فهناك فلسفة تمويلية كان يتبناها المستثمرون لفترات طويلة وهي التداول في السوق بقيم تعادل ضعف سيولتهم الذاتية من خلال تسهيلات مصرفية كانت تقدمها البنوك المحلية وتغري بها المستثمرين، بل كانت هذه التسهيلات تصل أحياناً إلى ما يعادل 300% أو 400% من حجم سيولة المستثمر.. اليوم أصبح الأمر معكوساً، فالبنوك أصبح مشهوراً عنها سماع قيامها بتسييل محافظ لعملائها لتعثرهم في سداد مستحقات لديها، فلا تسهيلات سواء لعملاء متعثرين أو غير متعثرين، والسبب بسيط جداً أن هذه البنوك تقيم حجم مخاطر هذه التسهيلات بناء على تنبؤاتها لوضعية سوق الأسهم، ولما كانت هذه الوضعية الآن لا تبدو جيدة بالقدر الذي يحفز البنوك على تقديم تسهيلات جديدة، فإن هناك حالة إحجام شبه كلية للبنوك على تقديم سيولة لدعم حركة التداول.
منهج ال (س) في مكررات الربحية
يعد منهجاً غير عادل...
من الأمور التي تحدثنا عنها كثيراً هي طريقة التعامل مع مكررات الربحية في تقارير تداول الرسمية، حيث إن هناك مكررات مرتفعة وأخرى منخفضة وثالثة تساوي (س).. كل قيم المكررات المحسوبة لا غبار عليها، ولكن المشكلة الحقيقية في التعبير عن مكررات نحو 32 سهماً بقيمة تعادل (س)، بالطبع كل السينات واحد، وتعطي المدلول نفسه وتشير تصوراً بتساوي أوضاع مكررات الربحية لهذه الأسهم على الرغم من أن الحقيقة غير ذلك، فهذه الأسهم ذات أوضاع مالية مختلفة بعضها يحقق خسائر في حدود ربع مليون ريال، وبعضها الآخر خسائر في حدود 30 مليار ريال، فهل يُعقل أن نضع كل هذه الأسهم داخل البوتقة نفسها.. إن الأمر محتاج إلى حل فني في ذكر هذه المكررات بطريقة تعطي تصوراً لمدى الاختلاف في مكررات ربحية الأسهم الخاسرة.
تجدد مطالب المتداولين بالإفصاح عن نسب خسائر الشركات إلى رأسمالها...
من الصعب جداً التكهن بما سيحدث بالسوق غداً.. وأحد مجالات نجاح هيئة السوق خلال العامين الأخيرين هو إيصال السوق إلى مثل هذه الحالة من خلال القضاء بشكل كبير على الشائعات حول القرارات الجديدة التي ستصدر عن الهيئة.. إلا أن هذا الأمر لكي يكون إيجابياً بشكل كامل يحتاج إلى دعم ومساندة بالإفصاح الكامل عن المعلومات المالية ذات الأهمية عن الشركات المتداولة بحيث لا تكون بعض القرارات الجديدة الصادرة عن الهيئة بمثابة صدمة لحركة التداول والمتداولين.. فنحن جميعاً نعلم بأن هناك بعض الشركات حققت خسائر كبيرة نتيجة الأزمة العالمية الراهنة، ونحن جميعاً نعلم بأن بعض هذه الشركات ذات أوضاع سيئة حتى من قِبل الأزمة العالمية، وبالتالي فإن بعض المتداولين متخوفون جراء تكرار حادثة تعليق إنعام وبيشة سابقاً، وخصوصاً أنه يصعب الوصول إلى النسب الدقيقة لحجم خسائر الشركات إلى احجام رؤوس أموالها... لذلك، فإن هناك حاجة إلى الإفصاح عن نسب خسائر - أرباح الشركات إلى رؤوس أموالها بشكل رسمي.
(*) محلل اقتصادي
Hassan14369@hotmail.com