Al Jazirah NewsPaper Saturday  01/08/2009 G Issue 13456
السبت 10 شعبان 1430   العدد  13456
الإنفاق أم الإنجاز ؟
فضل بن سعد البوعينين

 

المتأمل لحجم مشروعات التنمية التي تُطرح تباعاً في المملكة العربية السعودية يَجزمُ بزوال خطر الأزمة العالمية عن قطاعات الاقتصاد، فالتوسع في الإنفاق وسط الأزمات، وانتهاج الخطط الجريئة وسط الأزمات، يُبنى في الغالب على تحسن الأوضاع الحالية، وارتفاع معدلات التفاؤل بمستقبل الاقتصاد.

لا اختلاف على حاجة البلاد والعباد لمشروعات التنمية، إلا أن الظروف الاقتصادية العالمية قد تفرض، في بعض الأحيان، تعديلاً على خطط الإنفاق، وإستراتيجية البناء.. التحفظ في طرح المشروعات التنموية قد يكون مبرراً في مثل هذه الحالة، بل ربما كان الخيار الأمثل لدى كثير من المحافظين.. للمنظمات المالية الدولية رأي آخر، فهي تعتقد أن التوسع في الإنفاق في مثل هذه الظروف الحرجة يمكن أن يساعد في التخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية، ويُعجِّل في انقشاعها، وهو النهج الذي تبنته الحكومة السعودية في موازنتها للعام 2009.

الوفرة المالية الحالية يبدو أنها موجهة لإنجاز المشروعات الإستراتيجية التي تضمن -بإذن الله- خلق الاستثمارات المستقبلية، زيادة فرص العمل، المساهمة في تنويع مصادر الدخل، وإنهاء مشكلات المرافق الخدمية التي لا يمكن العيش دونها كالمياه والكهرباء، والمرافق التقنية، الصحية، والتعليمية.. كفاءة التنفيذ تضمن، بحول الله، بقاء المشروعات لعقود قادمة ما يعني تحقيقها الأهداف التنموية الشاملة، وحماية الموارد المالية المستقبلية من الهدر، واستنزافها في تأهيل المشروعات، أو إعادة بنائها بالكلية.

شدَّني الإعلان الذي تكفلت بنشره (الجمعية السعودية لعلوم العمران) في عدد من الصحف السعودية حول حجم العقود التنموية، وأسماء الشركات الوطنية المساهمة في تنفيذها.. وللأمانة هذه المرة الأولى التي ألحظ فيها نشاطاً إعلانياً للجمعية، وأكثر ما شدَّني في إعلانها حجم العقود الجاري تنفيذها محلياً والبالغة 300 مليار ريال، إضافة إلى العقود المتوقع تنفيذها خلال السنوات الخمس القادمة وهي في حدود 5 تريليونات ريال.. مبالغ ضخمة يمكن أن تُنشئ دولة صغيرة من العدم، أو أن تَبني مدناً حديثة متكاملة الخدمات في مدة زمنية قصيرة.. تنوعت المشروعات الجاري تنفيذها محلياً، وإن كنت أعتقد أن مشروعات الحرمين الشريفين والمناطق المحيطة بهما تستأثر بالأهمية القصوى، إضافة إلى ما تمثله المشروعات الجامعية، وعلى رأسها جامعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز للعلوم والتقنية، ومشروع الملك عبدالله المالي، وعمليات الخفجي المشتركة، من أهمية لإستراتيجية التنمية التي يقوم على تنفيذها الملك عبدالله بكل هِمة ونشاط.

الإنفاق الحكومي المتدفق وصل مرحلة التخمة للسوق المحلية، وعقود الإنشاءات تجاوزت 300 مليار ريال، ومع كل ذلك ما زالت معاناة المواطنين مع المشروعات الخدمية قائمة حتى الآن.. ما أنجز من مشروعات لا يصل حد الطموح والتوقعات، وهو أمر يُسأل عنه الوزراء والمؤسسات الحكومية المعنية بالمشروعات تحت الإنشاء.. بل إن بعض مشروعات الطرق، الأنفاق، شبكات الصرف الصحي، المنجزة كشفت عن عيوب تنفيذية لا يمكن القبول بها، ولعلنا لا نبالغ إذ ما اعتقدنا بعدم قدرتها على الصمود لسنوات طويلة، وفق ما خُطط لها!.

لا أعلم إن كانت (الجمعية السعودية لعلوم العمران) قصدت أن تحصر إعلانها بالمشروعات الناجحة كمشروعات الحرمين الشريفين، جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، عمليات الخفجي المشتركة، مركز الملك عبدالله المالي، أم أن الأمر كان مصادفة غير مقصودة؟!.

أياً تكن الإجابة، فالتجارب الناجحة والمميزة تبقى ثابتة ومصدر فخر واعتزاز لمن قام بها أو أشرف عليها، وسبباً لسعادة ولاة الأمر الذين لا يترددون في زيادة الإنفاق لمصلحة الوطن والمواطنين، كما أن التجارب المُحبطة يمكن أن تتسبب في إبعاد الكثير من الشركات الوطنية عن دائرة المنافسة التي يبدو أنها باتت أكثر قوة بدخول الشركات الأجنبية سوق الإنشاءات السعودية.. حقيقة كنت أتمنى أن تكون حصة الأسد في المشروعات الضخمة التي أعلن عنها من نصيب شركات سعودية مساهمة تتولى عمليات البناء والتشييد، وتحقق هدف التنمية وتُشرك المواطنين في أرباحها، وهو أمر لم يتحقق بعد، إلا أن ذلك لا يمنعنا من الإشادة بجهود بعض الشركات الوطنية التي أثبتت نجاحاً لافتاً في تنفيذ المشروعات الوطنية.

***

F.ALBUAINAIN@HOTMAIL.COM



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد