سيولة لافتة تتدفق إلى عملات العائد المنخفض بهدوء خصوصا الدولار؛ ما يعطي مؤشرا لبدء انخفاض شهية المخاطرة في الأصول ذات العائد المرتفع، وفي ذلك إشارة إلى أن تكتيك المستثمرين يرجح أن يتغير لفترة قصيرة خصوصا بعد تألق أسعار الأسهم الأمريكية الأسبوع الماضي. وأكثر ما شد انتباه المستثمر الأنباء القادمة من اليابان بشأن صادراتها وبدء تشكل الخارطة الاقتصادية العالمية الجديدة، حتى الأسواق الناشئة بدأت تنفصل شيئاً فشيئاً عن المتقدمة، كل ذلك أثر على تداولات أسواق العملات الأجنبية، وهو ما سيتم تفصيله في هذا التقرير.
الدولار الأمريكي
يظهر فنيا أن العملة الخضراء بدأت تتماسك قليلا بسبب ضعف عزوم البيع بعد تسجيل مستوى 78 أمام سلة عملاته، ويتوقع له العودة مجدداً إلى مستوى 81.5، وهذا لا يمنع من أن نرى المزيد من النزيف خلال الشهر القادم بسبب خطة إنقاذ جديدة يحكى عنها كثيرا هذه الأيام، ومن الممكن أن يعلن عنها قبيل انتهاء الربع الثالث بعد أن يجري الاقتصاديون هناك بعض اختبارات جس النبض.
أما من حيث الأرقام فوصلت طلبات الإعانة للأسبوع الثالث من هذا الشهر إلى 554 ألف طلب مقارنة بنتائج الأسبوع الذي قبله 552 ألف طلب، وتدل على سرعة التحرك بعيدا عن شبح البطالة وقربه لتسجيل قاعه من حيث الأرقام. من جهة أخرى بلغت مبيعات المنازل القائمة لشهر يوليو 4.89 مليون منزل مقارنة بالقراءة السابقة عند 4.77 مليون منزل، وجاءت مبيعات المنازل الجديدة مرتفعة وبقوة إلى 384 ألف منزل مقارنة بالشهر السابق 342 ألف منزل كدليل على نمو أسعار البيع وتحسنها بشكل كبير جدا عن أداء السوق مقارنة بالأشهر الأخيرة من العام الماضي. أما الأخبار السيئة فجاءت من مؤشر ثقة المستهلك العام لشهر يوليو الذي انخفض إلى 46.6 مقارنة بالرقم السابق عند 49.3. ويبدو أن المستهلك متأرجح شهريا في نمط استهلاكه ويحتار كثيرا في اتخاذ قراره الاستهلاكي، لكن أداءه مجملا جيدا منذ الربع الثاني، وأسواق النفط كان لها نصيب من البيانات، حيث أعلن عن ارتفاع حجم المخزون إلى 5.1 مليون برميل مقارنة بالرقم السابق المنخفض 1.8 مليون برميل؛ ما دفع بأسعار (نايمكس) إلى مستوى 62.9 دولار، وبناء على ذلك فقد نشهد تقليصاً لخسائر العملة قليلا هذا الأسبوع.
اليورو مقابل الدولار الأمريكي
عجز الزوج عن اختراق أشرس المقاومات التاريخية لهذا العام عند 1.41 التي شهدت حشدا كبيرا من الشموع العاكسة للاتجاه بشكل مؤقت، ويعتبر مستوى 1.38 فرصة سانحة لالتقاط الأنفاس الأسبوع القادم.
الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي
يمكن التحدث عن تجاره بأن (الجميع يتمنى التداول فوق حاجز المقاومة، لكن القليل لديه الجرأة في ذلك)، وهذا ما يحدث فعليا في الزوج الذي أثبت مستوى 1.66 أنه حصن متين أمام المشترين ولا سبيل لهم إلا بالعودة مجددا إلى مستوى 1.62 لتجديد النوايا الشرائية مرة أخرى.
الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني
المستفيد الأول ودون عناء هو الين، خصوصا أمام عملات العائد المرتفع، إلا أنه يبدي شيئا من الندية أمام الدولار باختراقه لخط الاتجاه الهابط عند 94.5، وبحاجة للتأكيد لأن الطريق صعب إلى منطقة 95-96 بسبب خط الاتجاه الهابط الرئيسي.
اليورو
مبيعات التجزئة في إيطاليا ثابتة لشهر مايو دون أي نمو بعد انكماشها 0.3% في إبريل، ويمكن وصف المستهلك هناك بالحذر ولاسيما أن مبيعات التجزئة لم تأتِ بأرقام تستحق الذكر، أما في فرنسا فقد كان الوضع مختلفا بارتفاع مؤشر ثقة الأعمال نحو مستوى 78، وهي إيجابية مقارنة بالنتائج السابقة، ويقترب من مستوى 100، وهو بوابة العبور إلى موسم الانتعاش، أما على مستوى القارة فجاءت نتائج مؤشر مديري المشتريات قريبة من مستوى 50 في القطاع الصناعي والخدمي خصوصا في ألمانيا وفرنسا. وبالمجمل نستطيع القول إن قوة المقاومات التاريخية الحالية لليورو تسيطر على مخاوف تجاره بغض النظر عن الأساسيات.
الجنيه الإسترليني
ارتفعت مبيعات التجزئة لشهر يونيو 1.2% مقارنة بانخفاض 0.6% للشهر السابق؛ ما عزز التفاؤل لدى المستثمر بأن المستهلك بدأ يميل للإنفاق أكثر مما سيدعم أداء قطاع التجزئة في هذا البلد، وتم تعزيز البيانات بارتفاع جديد لعدد الموافقات على القروض العقارية التي وصلت إلى 35.235 موافقة منعشة لقطاعه العقاري أيضا. أما أفضل أخبار الأسبوع فجاءت من أرقام الناتج المحلي الإجمالي لربعه الثاني، الذي قلص انكماشه إلى 0.8% مقارنة بالنتيجة السابقة والمنكمشة بنسبة 2.4%، وذلك نابع من نجاح مذهل لخطط الإنقاذ البريطانية خصوصا في قطاعها المصرفي، والفضل يعود لبنكها المركزي، ومع السعي الحثيث للحكومة بدعم جديد للقطاع الصناعي بـ150 مليون جنيه بهدف تحسين سوق العمل في المقام الأول كفيل بتقليل حدة التآكل في نمو الشركات وتقليص حجم التسريح؛ لذا يمكن أن نتوقع للعملة الملكية أسعاراً خضراء في حال تطابق الواقع المستقبلي مع هذه الجهود.
الين
دائما ما تكون اليابان بخيلة في نشر بياناتها الاقتصادية، لكن هذا الأسبوع تم الإعلان عن نتيجة مؤشر مبيعات التجزئة على المقياس السنوي الذي أظهر تراجعا 3% في شهر يوليو مقارنة بانخفاض 2.8% وفقا للقراءة السابقة، تم ترجمة ذلك فنيا بتماسك للين أمام عملات العائد المرتفع لأن العلاقة تكون عكسية، إذا تأثر أداء المنتجين سلبا يستفيد منها الين إيجابا، إلا أنه وخلال الأسبوع استفادت صادرات هذا البلد من الانتعاشة الصينية وإقبال الصين على مشتريات اليابان وبدء تشكل عميل جديد ومهم لليابان يكون المنقذ من تكدس منتجاتها على سواحلها، ترجم ذلك بارتفاع حجم الصادرات اليابانية بنسبة 1.1% لشهر يونيو بفضل العميل الصيني الملقب بالتنين، والأسبوع القادم قد تهدد هذه العملة فقط من قبل الدولار الأمريكي.
وليد العبدالهادي
waleed.alabdulhadi@gmail.com