الجزيرة - عبدالرحمن السهلي
بين مختصون في شؤون الموارد البشرية أن موافقة مجلس الوزراء على استراتيجية التوظيف الوطنية تحمل في طياتها مبشرات إيجابية نحو تحقيق المستويات المستهدفة من السعودة ومحاصرة ظاهرة البطالة، وقال د. عبدالله الزهراني أستاذ إدارة الموارد البشرية بجامعة الملك سعود في تصريح ل(الجزيرة) إن هذه الخطة تعد مبادرة تنموية هامة يعلق عليها أمل كبيرة للقضاء على مشكلة البطالة وتحقيق الاستخدام الأمثل للموارد البشرية المتاحة وأضاف د. الزهراني أن الكرة الآن في ملعب القطاع الخاص للتفاعل والتعاون مع هذه الخطة لما فيه مصلحة الاقتصاد والمجتمع ورفع د. الزهراني شكره للقيادة الحكيمة في هذا الوطن على تبنيها خطط طموحة تخدم المواطن والاقتصاد الوطني.
من جهته يشخص د. محمد الحداد خبير إدارة الموارد البشرية والتدريب أسباب التأخر في تحقيق المعدلات المأمولة من السعودة أنها تعود لتباين التوقعات بين المواطنين والأجهزة الحكومية المعنية بالعمل من جهة والقطاع الخاص من جهة أخرى حول موضوع توطين وظائف القطاع الخاص، حيث يرى الفريق الأول (الأجهزة الحكومية والمواطنين) أن توطين وظائف القطاع الخاص سيسهم في خفض معدلات البطالة بشكل كبير، كما سيساعد على انخفاض كثير من الظواهر الاجتماعية والأمنية السيئة الناتجة عن بطالة المواطنين والممارسات السيئة التي تأتي بها العمالة الوافدة من بلادها، كما سيساهم في خفض معدل التحويلات النقدية (من العملة الصعبة) التي تخرج من المملكة نتيجة التحويلات المالية للمقيمين،أما القطاع الخاص فينظر إلى هذا الموضوع من جانب (الربح والخسارة) حيث يرى أن مستوى الأجر الذي يدفعه للعمالة الأجنبية يعتبر متدني إذا ما تم مقارنة بالأجر الذي يدفع للعمالة الوطنية، كما أن العمالة الوافدة تقبل العمل في أي مكان في المملكة ووفق ظروف صعبة أحياناً وهذه الأوضاع غير مناسب للمواطنين.
و بين د. الحداد أن هناك عوامل أخرى تؤثر على قيام القطاع الخاص بدوره في عملية التوطين منها إمكانية الحصول على أعداد كبيرة من العمالة الوافدة بسرعة أكبر من الحصول على العمالة السعودية، وكذلك التخلص منهم في حالة ضعف أدائهم بشكل أسرع من المواطنين، هذا إضافة إلى الضعف العام في استقرار العمالة الوطنية وارتفاع معدل دورانها نتيجة بحثها على أجر أعلى، ودفع أرباب العمل نسبة أعلى للتأمينات الاجتماعية مقابل الموظفين السعوديين تبلغ (9%) مقابل(2%)عن العمالة الوافد، بالإضافة إلى أمور أخرى منها، طول ساعات العمل، وخضوع عملية الترقية والعلاوة والتدرج الوظيفي لتقييم صاحب العمل، وعدم إتقان العمالة الوطنية لبعض المهارات اللازمة للعمل في القطاع الخاص.
وأضاف د. الحداد أن هذا التباين في وجهات النظر حول السعودة بين الفريقين أدى إلى ظهور المزيد من الأبحاث والدراسات لهذا الموضوع والتي نتج عنها ظهور بعض الأنظمة والمبادرات الوطنية التي منها على سبيل المثال إنشاء صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف) وصندوق المئوية التي تسعى لتجسير الهوة بين القطاع الخاص والعمالة الوطنية.
جدير بالذكر أن توطين الوظائف يهدف إلى إيجاد فرص وظيفية للقوى العاملة الوطنية المتوفرة في سوق العمل، وبالتالي خفض نسب البطالة مع تحقيق الفوائد الاقتصادية الناتجة عن توظيف أعداد أكبر من القوى العاملة الوطنية بما في ذلك الحد من التأثيرات السلبية والفرص الاقتصادية الضائعة نتيجة التحويلات النقدية للعمالة الوافدة. إلى جانب تعزيز مقومات الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي من خلال الاعتماد على القوى العاملة الوطنية.
كما تهدف عملية التوطين إلى الإحلال التدريجي للعمالة الوطنية وفق عدد من المتغيرات والأبعاد وصولاً في النهاية إلى توطين الوظائف والاستخدام الأمثل للعمالة الوطنية وتكمن أهمية توطين الوظائف في أن التباطؤ في إيجاد حلول مناسبة لها، قد تؤدي إلى نتائج لا يحمد عقباها مثل تفشي ظاهرة البطالة وتأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية على المجتمع.
وكان مجلس الوزراء قد أقر في جلسته المنعقدة يوم الاثنين الماضي الموافقة على استراتيجية التوظيف السعودية المرفوعة من اللجنة الدائمة للمجلس الاقتصادي الأعلى والتي قسمت أهدافها الاستراتيجية إلى أهداف عامة ومرحلية على النحو التالي:
أولا - أهداف عامة وتتمثل في:
- التوظيف الكامل لقوة العمل الوطنية.
- زيادة مستديمة في مساهمة الموارد البشرية الوطنية.
- الارتقاء بإنتاجية العمل الوطني ليضاهي نظيره في الاقتصاديات المتقدمة.
ثانياً - أهداف مرحلية تتمثل في:
- هدف مرحلي قصير المدى مدته (سنتان) يتمثل في السيطرة على البطالة.
- هدف مرحلي متوسط المدى مدته (ثلاث سنوات) يتمثل في تخفيض معدل البطالة.
- هدف مرحلي بعيد المدى مدته (عشرون سنة) يتمثل في تحقيق ميزة تنافسية للاقتصاد الوطني اعتماداً على الموارد البشرية الوطنية.