هي شابة لم تتعدَ الثالثة والعشرين من عمرها الذي أسأل الله أن يكون مديداً وعامراً بطاعته، قالت وهي تفتتح معرضاً للوحات نسجتها أناملها الصغيرة وأبدعت ما معناه أن المرأة لو أخذت حقوقها لتفوقت على الرجل.. وقالت الأخرى التي لامست جوانب من الإبداع والتميز في مجال آخر وهي تتحدث عن إنجازها: ليتأكد الرجال أن المرأة تملك ما يفوق ما يملكه الرجل.
وكاتبة معروفة تطل علينا بمقالات لا يخفى فيها مهاراتها اللغوية وأسلوبها المتميز، تترك كل عناصر إبداعها وتفوقها لتهبط بأفكار مقالاتها إلى إثبات شيء للرجل، وأنها تستطيع مجاراته وتحديه بعيداً عما تثيره من موضوعات حتى وإن ناقشت موضوعات تتعلق بالحمل والرضاعة.. وغيرهن كثيرات يملكن بلا شك مفاتيح الإبداع والتفوق، لكنهن لا يركزن عليها ويفرضن على أنفسهن رغم ما يمتلكنه من طاقات فريدة أن يسرن في فضاء سقفه الرجل، وحدوده انبهاره أو إعجابه، فتأتي أعمالهن مقيدة محدودة الانطلاق لأنها في الأصل مرهونة بالرجل وموجهة إليه.
أنا لا أفهم لما تفعل المرأة ما تفعل، وتملأ الدنيا صخباً وضجيجاً، وهي تردد في كل مناسبة تسنح لها أنها تملك ما يملكه الرجل من قدرة الإبداع والتميز، بل وتتفوق عليه، ثم تأتي طواعية وبمحض إرادتها لتجعل سقف نجاحها وتميزها مدى رضا هذا الذي تقول إنه سبب تعاستها وضياع حقوقها.. إن تجملت وغيرت في مظهرها انتظرت ثناء رجل وافتتانه، وإن تكلمت أهملت كل بنات جنسها وبحثت عن رجل يقول إنها تقول شيئاً مختلفاً يستحق متابعته، وإن أبدعت لا تنتظر ما يقلنه غيرها عما أبدعت فيه وإنما تسعد لأنها بهرت رجل أو تفوقت عليه، كل ما تفعله تأتي طواعية وبإرادتها لتجعل الرجل حكماً عليه وتقيس نجاحها أو تميزها بمدى رضا هذا الرجل عما تقدم، وهذه حال غريبة لم أفهمها ولا أظن أنني سأفعل، أن تجعل المرأة خصمها اللدود رجل تحاربه في كل الجبهات، ثم تأتي إليه ليقيم عملها ويثني عليه وتجعل ما يقوله مقياس نجاحها.. والله المستعان.