تعود علاقتي بمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية إلى متابعتي لمجلتها (العلوم والتقنية) بحكم التخصص، ولكن إطلاق المدينة لشعارها اللفظي الجديد (حيث تكمن المعرفة) قبل أشهر والذي يؤكد تجدد ارتباطها بالمعرفة والتقنية، حيث تعمل المدينة منذ تأسيسها على استثمار هذه المعرفة....
بهدف تفعيل دور الشباب السعودي في سبيل المساهمة في إيصال المملكة إلى عالم تقني متطور يواكب متغيرات العصر المعرفية، ويتناغم مع طموح القائمين عليها، وعندما أطلقت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية الحملة الإعلامية التوعوية التي حملت عنوان (أنت)، والتي استهدفت الشباب السعودي من خلال مخاطبتهم بشكل مباشر (أنت) انطلاقاً من توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله الذي ارتبط اسمه بتقنية النانو كأول زعيم عربي يعنى بهذه التقنية المستقبلية في تحفيز النشء الجديد على التوجه نحو العلوم التطبيقية ودعم المبدعين والمخترعين بهدف رفع سقف الطموح لديهم وتقريب العلوم إلى أذهانهم والعمل على تحفيزهم عاطفياً باستعراض تاريخ أسلافهم وأجدادهم العرب والمسلمين وذلك بتصوير أعظم إنجازاتهم البشرية بشكل مبسط يعزز من بناء شخصيتهم وذاتهم وثقافتهم العلمية. ولقد نجحت حملة (أنت) - في نظري - في إيصال رسالة واعية ومتجددة لجيل المستقبل محورها (هم صنعوا التاريخ.. وأنت تصنع المستقبل)، خاصة وأن تلك الرسالة بثت عبر عدة قنوات كالمدارس والصحف والمجلات والإذاعة والإعلانات الطرقية، بتقريب العلوم إلى أذهان الشباب الذين يمثلون أكثر من 60% من إجمالي المجتمع السعودي.
ولاشك أن المدينة استفادت من هذه الحملة لإبراز هويتها واهتمامها المتواصل بقطاع البحث والتطوير إيماناً بمسؤولياتها الاجتماعية تجاه الشريحة الأوسع من المجتمع، خاصة وأنها بحاجة ماسة إلى تحديد هويتها لتعكس تطورها وتقدمها ومواكبتها للمتغيرات العصرية الحديثة وقدرتها على المنافسة الذي سيظهر جلياً من خلال رؤيتها الجديدة.
الشعار الجديد للمدينة يرمز لعرض العلوم وضمنيا المدينة برؤية حديثة وعصرية وأن المدينة تطمح من خلال الحملة الإعلامية التوعوية وإطلاق الشعارالجديد إلى فتح قناة واسعة لمخترعي ومبدعي المستقبل لإبراز قدرتهم ومواهبهم والأمل أن تحقق تلك الخطوة الجديدة الهدف المنشود منها في رسم معالم مستقبل مشرق في ذهنية الشباب.
والأجمل أن الشعار الجديد للمدينة في عهدها الجديد حمل اللونين الأزرق والأخضر حيث ترمز فيه المثلثات إلى الشفافية والتحرر والدقة والبساطة والابتكار.
ولا شك أن (الشفافية) و(التحرر) و(الدقة) و(البساطة) و(الابتكار) هي معمار العقلية العلمية المبدعة على كافة المستويات، وبتمثلها فقط يستطيع شبابنا أن يقدم المزيد والمزيد من الخير العلمي للبشرية، ولا شك أن ذلك منوط بترجمة تلك الحملة الإعلامية التي تبنتها مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، إلى واقع معاش في أوساط الشباب المخترع والمبتكر، خاصة عندما تحترف المدينة الخروج بتلك الحملة من إطار (الإعلان) إلى إطار (الواقع)، المعاش لشرائح المخترعين السعوديين في الداخل والخارج، وخلق بيئة صحية يتم فيها إعادة تشكيل العقلية العلمية لطلابنا المخترعين، لنكسب جيلا فاعلا في كل ميادين العلوم يجعل من علاقته بالعلوم التطبيقية سر تفوقه وحضوره في المحافل الدولية، مثل الباحث السعودي الدكتور عادل المقرن الذي حصل مؤخرا على جائزة (الباحث المتميز) من جمعية المناعة الأمريكية وغيره.
صناعة الاختراع لا تنتهي بمنح الشباب المبدع براءة الاختراع، بل إنها في الدول المتقدمة تبدأ - حقيقة - بعد ذلك برسم رحلة المصاعب لتحويل ذلك الاختراع إلى موقع مميز داخل النسيج الحياتي، وحفظ حقوق المخترع من الألف إلى الياء،
السؤال الحلم:
متى يخرج المخترع السعودي من بريق (براءة الاختراع) إلى فضاء صناعة الأفكار وتغيير مسار الحياة من خلال بوصلة الاختراع.والإجابة لدى المدينة الموقرة!!!!!!!