Al Jazirah NewsPaper Thursday  30/07/2009 G Issue 13454
الخميس 08 شعبان 1430   العدد  13454

الشاهد بيت واحد
وإن خالها تخفى؟!!
أحمد عبدالله الدامغ

 

ومهما حاول المرء إخفاء مهنته أو صنعة كان قد برع فيها وأتقنها، ثم يتحوّل عنها لسبب ما، فإنه لا يمكنه إخفاؤها، وتغييبها من سيرته الذاتية لأنه عُرف بها، وربما اشتهر بها، فالحلاق الماهر والحجام المتقن لفن الحجامة، بما أمضاه من عمر في مزاولة مهنته تلك فإنه وإن خالها تخفى على الناس، فإنها تظهر على تصرفاته، كإطالة النظر فيمن يزاولها لشدة إعجابه بها، وما كان له من ولع بها، وإن لم يكن ذلك من نظراته فإنها تظهر على فلتات لسانه في بعض كلامه، حينها يعرف الملاحظ عليه مهنته السابقة والمتأصلة في نفسه.

ولو أننا تتبعنا قصيدة رثاء لشاعر كان يتسوّل بشعره، ويعرف كيف ينتقي العبارات التي يستدر بها أكف الكرماء فإننا سنلحظ فيها أسلوباً استجدائياً، وعلى سبيل المثال نتصور أن هناك طبيباً فقيراً، وقلَّ أن يكون الطبيب فقيراً لأن مهنة الطب تؤكل عيشاً، وهي على خلاف مهنة الأدب، وأن هذا الطبيب قصد غنياً محسناً كريماً صاحب كف ندي، وأراد هذا الطبيب أن يستجدي ذلك المحسن، دون أن يفصح عن كونه طبيباً، طمعاً في أن تكون هبة المحسن له جزلة وكبيرة، فإنه سيصوغ استعطافه في أسلوب شعري لعلمه أن الشعر أشد تأثيراً على نفس من يوجّه إليه، فسوف لا تخلو قصيدته مما يقرب في معناه وهو يخاطب الغني في هذا البيت:

وعطفك مثل (الفايتمين) نفعاً

وفعلك (سيخ) تجبير العظام


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد