ومهما حاول المرء إخفاء مهنته أو صنعة كان قد برع فيها وأتقنها، ثم يتحوّل عنها لسبب ما، فإنه لا يمكنه إخفاؤها، وتغييبها من سيرته الذاتية لأنه عُرف بها، وربما اشتهر بها، فالحلاق الماهر والحجام المتقن لفن الحجامة، بما أمضاه من عمر في مزاولة مهنته تلك فإنه وإن خالها تخفى على الناس، فإنها تظهر على تصرفاته، كإطالة النظر فيمن يزاولها لشدة إعجابه بها، وما كان له من ولع بها، وإن لم يكن ذلك من نظراته فإنها تظهر على فلتات لسانه في بعض كلامه، حينها يعرف الملاحظ عليه مهنته السابقة والمتأصلة في نفسه.