.. لقد أتعب الزمان وما هيته ومفهومه الإنسان منذ ابتداء وعيه وإدراكه وإحساسه بوجوده، فالزمن له تأثير هائل يحس ويشعر به الإنسان في نفسه وفي الكون - العالم - المحيط به. ويعتبر الزمن واحدا من الأمور الغامضة أو غير المفهومة للإنسان، ولا يستطيع أي شخص كائن من كان أن يعرف الزمن وما هيته، ولتسهيل مشكلة معرفة الزمن وما هيته فرق الإنسان بين نوعين من الزمان، زمن رياضي - فلكي -، وزمن نفسي أو وجداني، فالزمن الفلكي عرفه الإنسان نتيجة للتغيرات والتبدلات المختلفة التي تحدث من حوله مهما كانت مدتها قصيرة أو طويلة، فهي التي ساعدته ومكنته من معرفة أن الزمن قد مر وعدا، وأنه موجود، وأنه نتيجة لحركة، وأنه يمكن قياسه بالمدة التي يقطعها متحرك، وهذا حساب للزمن تستغرقه حركة شيء في قطع مسافة، أي أنه وثيق الصلة بمكان، ولذا سمي بالزمان المكاني - مثل دوران الأرض حول الشمس، ودوران القمر حول الأرض-. أما الزمان النفسي فهو معطى مباشر في وجدان الإنسان، أي أنه عيان الإنسان لنفسه وحالته الباطنية - الداخلية - والإنسان السوي - السليم - عنده لزمانه الوجداني ثلاثة أحوال: الذاكرة (الزمن الماضي)، والانتباه (الزمن الحاضر)، والتوقع (زمن المستقبل)، أي أن الزمان لا وجود له إلا إذا كان في النفس تأثر مستمر ودائم.