ذكرنا في مقال الأسبوع الماضي أنّ منظمة التجارة العالمية حاولت أن توجد نوعاً من التوازن بين متطلّبات حرية التجارة وفتح الأسواق بين الدول الأعضاء في المنظمة، وبين حق تلك الدول في حماية صناعاتها الداخلية من الضرر والممارسات غير العادلة، من خلال إقرار ثلاث اتفاقيات فنية ودقيقة أطلق عليها اسم (اتفاقيات حماية المنتج المحلي)، وأحد هذه الاتفاقيات، هو اتفاق الوقاية Agreement on safeguard، أو بصيغة أوضح (اتفاق التدابير الوقائية ضد الزيادة غير المبررة في الواردات)، وفقاً لما ورد في النظام الخليجي الموحّد لمكافحة الإغراق والتدابير التعويضية والوقائية.
فالأمر لا يتعلق في هذا الاتفاق بممارسات تجارية غير منصفة من شأنها الإخلال بظروف المنافسة أو بشروطها، مثلما هي الحال في اتفاق مكافحة الإغراق، بل يتعلق بحدوث زيادة كبيرة وغير متوقعة في الواردات من منتج معيّن من شأنها أن تسبب ضرراً خطيراً أو تهديداً للصناعة المحلية المماثلة.
ويتمثل جوهر الاتفاق في حق الدولة العضو في المنظمة، إذا تبين لسلطات التحقيق فيها، أنّ الواردات من السلع محل التحقيق قد أحدثت ضرراً جسيماً بالصناعة المحلية أو هددت بإحداثه، أن تتخذ تدابير وقائية تتمثل في قيود كمية على تلك الواردات أو زيادة في الرسوم الجمركية أو كليهما معاً وفقاً لشروط الاتفاق.
وبالنظر لحداثة عضوية المملكة في منظمة التجارة العالمية، وتطبيقها للنظام الخليجي الموحّد لمكافحة الإغراق والدعم والوقاية، الذي صدر لكي يلبي متطلبات قواعد منظمة التجارة العالمية ذات الصلة. وعطفاً على الشكاوى المتزايدة من تخمة الواردات من السلع التي تتدفق على السوق السعودي من دول كثيرة، فإنّ الحاجة أصبحت ماسة لتحليل الوضع، ومعرفة على وجه اليقين هل تشكل تلك الواردات ضرراً على الصناعات المحلية المماثلة أو تهدد بوقوع مثل هذا الضرر الأمر الذي يتطلب تطبيق نظام الوقاية ؟. أم أنّ تلك الواردات تسد فراغاً موجوداً في المنتجات المحلية ومن المصلحة استمرار تدفقها على السوق السعودي!.
الواقع أننا بحاجة ماسة لتحليل موضوعي لهذه المسألة ومعرفة مدى آثارها السلبية أو الإيجابية على المملكة، وعلى دول مجلس التعاون الخليجي. وبحاجة لتقويم أداتها القانونية المتمثلة في النظام الخليجي الموحّد ومدى استجابته لمعالجة هذه المسألة، وكذلك تقويم آليات عمل اللجنة المكلفة بتطبيقه، واستعدادها لتنفيذ النظام بما يتوافق والإجراءات التي نصت عليها قواعد المنظمة.