حالياً تسود اليمن حالة من حالات عدم الاستقرار السياسي والأمني بفعل الأحداث الخطيرة التي تتلو بعضها بعضا في تلك البلاد بعد اشتداد حدة مطالب بعض الجماعات الجنوبية للانفصال عن اليمن الشمالية، الأحداث هذه قطعاً لن تصب في صالح الشعب اليمني برمته، بل ولن تخدم مصالح وأهداف اليمن الوطنية كدولة متماسكة وموحدة ومتحدة كما هو واقعها الحالي.
فالانفصال يعني تقطيع اليمن إلى دويلات صغيرة، وهذا بدوره يسهم في بقاء الفقر والجهل سيدان للموقف وللحال وللواقع اليمني لدولة فقيرة هي في أمس الحاجة إلى توظيف مواردها وثرواتها الوطنية للتنمية والتطوير وليس على درء مخاطر الصراعات الداخلية التي تستنزف منها الشيء الكثير رغما عن ذلك تحرك بعض الجماعات المشبوهة لتنفيذ ذلك المخطط المشبوه.
التكهنات بمن يدير هذه الحركات والدعوات الانفصالية تشير معظمها إلى ضلوع تنظيم القاعدة ومن يسانده أو يتعاطف معه، بعد أن واجه التنظيم نكسات وضربات ولطمات أمنية في معظم أنحاء الوطن العربي. هذا ما يفسر حتى الآن محاولات تنظيم القاعدة العقيمة لتفتيت اليمن مما يجعلها الخطر الأكيد الذي يهدد أمن واستقرار اليمن بل وتمثل الخطر الأكبر على رفاهية شعبه. اليمن إذن في حاجة ماسة لدعم عربي وإسلامي ودولي لإجهاض محاولات تفتيته وزعزعة أمنه واستقراره.
الذي يؤكد التكهنات تلك ما سمعنا عنه في الشهور الماضية عن التحالف بين أجنحة تنظيم القاعدة بزعامة عنصر يمني فيما يليه في المرتبة المسمى (سعيد الشهري) الذي غدا الرجل الثاني في تنظيم القاعدة في اليمن الذي تمخض عن ذلك التحالف إراقة الكثير من دماء الأبرياء ومواجهات عسكرية وأمنية عنيفة بين جماعة الحوثي والقوات الأمنية والعسكرية اليمنية.
دليل آخر على صدق تلك التكهنات إلقاء السلطات الأمنية في شهر إبريل الماضي القبض على أحد المطلوبين الثمانين واسمه الحركي (أبو حذيفة) الذي كان مع الأسف يخطط لمهاجمة سفارة بلاده ووطنه (السفارة السعودية في صنعاء) أضف إلى ما سبق أن الكثير من عناصر تنظيم القاعدة أو من في حكمهم، أو على شاكلتهم، لجأوا إلى اليمن بعد أن تلقوا ضربات أمنية وطنية سعودية كثيفة شتتت شملهم وأقضت مضاجعهم ومنعتهم من تنفيذ عملياتهم الإجرامية الإرهابية في المملكة، فأجهزة الأمن في المملكة أصبحت أكثر تمرساً وخبرة ودراية بسياسات وتحركات تنظيم القاعدة وعناصره ومؤيديه، الأمر الذي جعل البيئة السعودية غير صالحة على الإطلاق لوجود مثل هذا التنظيم فيها. وكما صرح اللواء منصور التركي المتحدث باسم وزارة الداخلية بأن قوات الأمن تمكنت من تحطيم تنظيم القاعدة في المملكة.
واقع الحال إذن يؤكد على ضلوع تنظيم القاعدة في معظم ما تواجهه دولة اليمن من تحديات أمنية، ويفترض ألا يقلق اليمنيون كثيراً فتنظيم القاعدة في حالة يأس شديدة بعد أن تجرع كؤوسا من الهزيمة المرة من العراق وحتى المغرب، وبالطبع من اليمن وحتى بلاد الشام، بيد أن الخطورة تكمن في لجوء تنظيم القاعدة إلى سياسة تجنيد الأطفال الصغار للقيام بالعمليات الإرهابية في الدول العربية بمسمى (عصافير الجنة).
تبعا لمنطق تنظيم القاعدة فإن الأطفال (عصافير الجنة) يمكن بسهولة تجنيدهم بعد إقناعهم بخطابه المعسول الذي يقطر سماً، فتنظيم القاعدة لا يجد عناء كبيرا في تحمل مصاريف إعدادهم وتأهيلهم وتدريبهم للعمليات الإرهابية، وعلى ما يبدو أن تنظيم القاعدة لجأ لهذه الجريمة بعد أن فقد عناصره الميدانية النشطة والنائمة، وبعد أن تعاظمت معاناته وحالة يأسه من تجنيد الشباب، لذا لجأ للأطفال لتعويض النقص الكبير في إعداد العناصر الجديدة التي شحت بشكل ملحوظ.
أكثر من ذلك إذا صح أن تجنيد تنظيم القاعدة للأطفال الصغار ما بين سن الثانية عشرة والرابعة عشرة، فإن هذا التطور قد يشكل خطورة بالغة على الدول العربية من العراق وحتى المغرب ومن اليمن حتى بلاد الشام شمالاً.
ملخص القول: إن تنظيم القاعدة يعيش حالة من اليأس وواقع في ورطة عقيمة تدفعه للتضحية بأرواح الأطفال الصغار من أجل تحقيق أهداف بالية وغايات مغرضة واهية لم تعد صالحة لاستهلاك العقلاء، ومع ذلك تبقى وسيلة مشبوهة لإزهاق أرواح الأبرياء.
www.almantiq.orj