الحديث الدائم حول أسعار السياحة الداخلية ومقارنتها بالخارجية يقلل كثيراً من فاعلية النقاش المثمر لرصد التجربة السياحية المحلية، فسياسة التسعير تمثل أمراً نسبياً يمكن ضبطه بمعايير ترتبط بالمنشأة أو المستثمر وأحكام الرقابة عليها في ظل الظروف التي قد تدفع هذا المستثمر أو ذاك إلى مخالفتها متى ما منحه السوق فرصة مواتية.
لكن الأمر الذي لا يجب أن يغيب عن الطرح في ظل المقارنات المحمومة بين فريقين يتناولان القضية السياحية بطريقة (مع أو ضد) هو الحديث عن تنمية السوق السياحي بمفهومه الشامل (العرض والطلب)، فتنمية بيئة الاستثمار وتأهيل شروطه وتقنينها سيعزز مستوى الاستثمار السياحي الذي سينعكس بلا شك على مستوى ما يقدم من منتجات وفق شرائح الطلب المختلفة، فليس من المنطق التعاطي مع الاستثمار السياحي بمنطق الأسعار التشجيعية والشعارات الرنانة وتجريدها من علاقتها الطبيعية بالسوق، كما أنه وبالدرجة ذاتها لا يمكن ترك الحبل على غاربه لمستثمرين تطفلوا على القطاع السياحي بسبب حداثة توسعه واستغلوا ثغرة العرض الكبيرة ليقيموا شققاً مفروشة ومنتجات سياحية لا تلبي الشروط البدائية للاستهلاك الآدمي فضلاً عن السياحي الترفي فيرفعون أسعارهم بشكل كبير تحمل السياحة الداخلية وزره.. ولذا فإن تنظيم بيئة الاستثمار السياحي وتأهيل شروطها وتعزيز جودتها بشمولية تغطي جميع شرائح الطلب يمثل أولوية في مسار قاطرة سياحتنا الوطنية في المرحلة الحالية.