أنهت الشركات المدرجة بالسوق المالية السعودية إعلان نتائجها للفصل الثاني من السنة المالية 2009 وكما كان متوقعا أتت أفضل من الفصل الأول بنسبة فاقت 50 بالمائة عند حدود 17.5 مليار ريال بينما الفصل الأول وصلت إلى 11.5 مليار ريال تقريبا وأتى التحسن بالأرباح عموما تبعا للنشاط الاقتصادي سواء المحلي أو العالمي بعد حزمة البرامج الإنفاقية الكبيرة التي أقرت على الصعيدين الداخلي والدولي فكان التأثير واضحا خصوصا بقطاعات التصدير.
وقد استطاع قطاع البتروكيمياويات العودة للربحية بقرابة 2.5 مليار ريال بعد أن حقق خسائر ولت إلى خمسمائة مليون ريال بالفصل الأول ويأتي ذلك بسبب تحسن أسعار المنتجات البتروكيماوية عالميا وتعويضها لأكثر من 50 بالمائة لأبرز المنتجات كالاثيلين والبروبلين والبوليمرات عموما باستثناء الاسمدة والميثانول لم تتحسن أسعارهما بشكل ملموس إلى الآن ولكن يبدو أن استمرار ارتفاع أسعار النفط من جهة ولحاق أسعار البتروكيماويات به سيؤثر إيجابا على نتائج الربع الحالي بشكل واضح
بينما كانت نتائج القطاع المصرفي عند حدود التوقعات بشكل عام باستثناء بنك الرياض الذي حقق قفزة كبيرة تطابقت مع تقارير أعدت من مؤسسات مالية عالمية اعتبرته الافضل أداء وأقل البنوك تأثرا ببعض الأزمات التي بدأت تطفو على السطح وأنكرها القطاع المصرفي بعدم التعليق عليها أو الرد بأي اتجاه بينما وضح تأثير التحفظ بالائتمان رغم ارتفاع السيولة لدى المصارف وكذلك انخفاض أسعار الفائدة بشكل كبير ويبدو أن المصارف مازالت تفضل الإيداع لدى مؤسسة النقد بصفته عائد أكثر ضمانا من الاتجاه لسوق الإقراض حتى إن سامبا تراجعت محفظته الاقراضية بشكل واضح من 96 إلى 86 مليار ريال ومع سياسة التحفظ اتجاه مدى انكشاف البنوك لمجموعتي السعد والقصيبي يبقى للربعين القادمين أهمية كبيرة في تحديد وضع ربحية المصارف لأنهما ينطويان بالتأكيد على معلومات يحتاجها السوق كثيرا لتقييم الاسعار العادلة للقطاع، بينما يلاحظ تحسن أداء قطاع الأسمنت بشكل جيد وتحقيقه أرباحاً فاقت 900 مليون ريال بالفصل الثاني متجاوزا أزمة حظر التصدير في إشارة واضحة إلى تأثير الإنفاق الحكومي على البنى التحتية في ارتفاع الطلب وتقلص حجم المخزون لدى أغلب الشركات، أما قطاع الاتصالات فيبدو الأكثر تحررا من آثار الأزمة العالمية ومن الواضح أن إيرادات الشركات تتحسن وتنمو بشكل جيد وقد عادت الاتصالات السعودية لتحقيق مستويات مرضية بنتائجها وتقليل آثار الاستحواذات السابقة عليها باستثناء إنفاقها الاستثماري على رخصتي الكويت والبحرين ويفترض أن يبدأ ظهور آثار ايجابية لمجمل استثمارات الشركة خارجيا في آخر العام الحالي والعام القادم بينما موبايلي مستمرة بتحقيق أرقام ممتازة كون السوق مازال مستمرا بالنمو لجهة النطاق العريض إلا أن انطلاقة زين وكذلك عذيب خصوصا خلال النصف الثاني ستظهر حجم المنافسة وستتضح أكثر الحصص التي تستطيع ان تحققها كل شركة بالسوق بشكل يعطي ملامح أكثر وضوحا للمرحلة القادمة والانعكاس سيكون إيجابيا على المستخدمين من ناحية انخفاض الأسعار بسبب زيادة حدة المنافسة، أما بقية القطاعات فيبرز قطاع التأمين بشكل واضح خلال المرحلة القادمة كون اغلب الشركات حصلت على رخص مزاولة المهنة من مؤسسة النقد وتم تقييم المحافظ الاستثمارية وبدأ العمل بشكل كامل بقرارات تتعلق بالتأمين الطبي الإلزامي على المقيمين وسيبدأ قريبا على المواطنين ليتحدد معه قدرة كل شركة على تحقيق معدلات نمو تتناسب مع التوسع بسوق التأمين الواعد كونه مازال قطاعا فتيا وامامه نمو كبير بالمستقبل
اما القطاع الزراعي فما زال التباين في نتائجه واضحا ووضع الشركات كما هو معهود منذ سنوات باستثناء المراعي وصافولا اللتين تحققان أرباحا بشكل منتظم وبقية الشركات فاجأت الجميع أما بانخفاض بالارباح أو الاستمرار بتحقيق خسائر.
وظهر قطاع التشييد والبناء بأسوأ نتائج حيث تراجعت بشكل ملحوظ مما يعطي انطباعا بأن هذ القطاع يحمل مخاطر تفقده الجاذبية الاستثمارية باستثناء الجبس والخزف المستقرتين نسبيا بينما تأثرت بقية الشركات بارتفاع اسعار المواد الخام سابقا وتذبذبها مما يعني ان الارباح ليست مستقرة أو باتجاه واضح لأغلب الشركات.
بقي التطوير العقاري مستقرا بنتائجه عموما لثبات اساليب التشغيل لدى اغلب مكوناته اما القطاعات الأخرى فلم تكن أكثر بعدا عن القطاع الزراعي من حيث التقلبات عموما سواء من ناحية النمو المفاجئ ببعض الشركات أو العكس فالفنادق حققت أرباحا كبيرة جدا ولكنها أتت من بيع أحد أصولها معتبرة الربح المتحقق تشغيليا رغم ان نشاط الشركة معروف بأنه تشغيل مرافق سياحية، ولم يظهر قطاع الاستثمار الصناعي أي نمو باستثناء الدوائية والكيميائية السعودية كونهما يعملان في مجال بيع وتصنيع الادوية للاولى وهذه أنشطة مطلوبة في كل الاوقات ولا تتأثر إجمالا بالوضع الاقتصادي من حيث الطلب إنما من حيث فروق العملات فقط ولا تختلف الحالة بقطاع الإعلام الذي تراجعت أرباح شركاته بشكل كبير عاكسة حالة التردي بنشاطه بشكل أساسي بينما قطاع الاستثمار المتعدد يتاثر بارتفاع وانخفاض الأسواق كونه مرتبط بها مباشرة وقد انعكس الأثر الإيجابي عليه حاليا بسبب ارتفاع الأسواق المالية محليا ودوليا ولذلك يجب ربط نتائج القطاع بحالة الأسواق دائما.
إن ما نستطيع رؤيته بنتائج الشركات عموما هو استمرار التحفظ بإعطاء أرقام واضحة عن الأداء واستخدام عبارات فضفاضة لا تعطي رؤية مستقبلية واضحة بشكل عام وعدم الاستقرار بالأداء سينعكس بصورة غير إيجابية لناحية مستويات تقييم الأسعار العادلة وكذلك الرؤية الواضحة عن حجم استفادة المستثمرين من التوزيعات النقدية المتوقعة بنهاية العام إلا في القليل جدا من الشركات وهذا بدوره سيعكس حالة ارتفاعات بالاسعار تكون في جلها سريعة لتحقيق أهداف مضاربية ستشمل الشركات الكبيرة والصغيرة على حد سواء بهدف تعويض نسبة التوزيعات المأمولة من خلال ربح رأسمالي لا يعطي بعدا استثماريا مستقرا حتى يتضح وضع الاقتصاد العالمي ومدى تجاوزه للأزمة وهذا بدوره سينعكس سلبا على أداء السوق مما يجعله عرضة للتقلبات بشكل كبير مستقبلا.
يبدو أن أغلبية الشركات لم تتخذ خطوات مسبقة لتجاوز آثار الأزمة عليها ويظهر ذلك من خلال تكوين مخصصات بشكل مستمر إلى الآن انعكس بدوره على النتائج النهائية رغم استقرار أسعار المواد الخام والأصول منذ فترة بعيدة وعودتها للارتفاع مجددا مما سيضع إدارات الشركات عموما بحالة من الحرج في نهاية العام أمام المستثمرين كون المقارنات ستبدا في تلك المرحلة بين نتائج الشركات لدينا والنتائج بالأسواق الإقليمية والعالمية على اعتبار أننا الأقل تضررا إلى الان ويتوقع ان نكون أول الخارجين من براثن الأزمة بحسب تقارير عالمية عديدة صدرت مؤخرا.
mfaangari@yahoo.com