Al Jazirah NewsPaper Saturday  25/07/2009 G Issue 13449
السبت 03 شعبان 1430   العدد  13449
أنغام الفراغ وخطوات الإرهاب!
د. سعد بن عبد القادر القويعي

 

محاولات - سماحة الشيخ - عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ - مفتي عام المملكة -، محاولات مقدَّرة في الإسهام لمواجهة ظاهرة الإرهاب.. فقد أكد سماحته - قبل أيام - خلال لقائه بعدد من طلاب الأندية والمدارس الصيفية والتربويين بإدارة التربية والتعليم بالطائف: (أن الإرهاب لم ينشأ إلا من فراغ الشباب، والانحراف وراء دعاة السوء ودعاة الفوضوية).

فالفراغ يُعد ضمن أحد الأسباب في توجُّه بعض الشباب إلى دعاة السوء والجماعات المتطرفة التي تصطاد ضحاياها، وتخضعهم لتعبئة منحرفة، وتُعرضهم لعملية غسل دماغ، حتى تورطهم في أعمال عنف وإرهاب، فتصفي حساباتها ضد الوطن ومصالح الأمة.. كما أنه يؤدي إلى إحباط نفسي يؤدي بالتالي إلى أفكار سلبية.. فهو - بلا شك - مجلبة لكل الانحرافات، ومنها: التطرف بكل أشكاله.

ولذلك يجد الإرهابيون ضالتهم في مثل هؤلاء الشباب، فيكونون صيداً سهلاً لاستقطابهم والانحراف بهم عن الطريق السوي.. وبات الشباب كالجوهرة الثمينة لكل من أراد استغلال المناكفات والصراعات السياسية، ولذلك وجدنا أن من عناصر تلك العمليات الانتحارية هم شباب في العشرينيات من أعمارهم، من الذين يهتمون ببريق البدايات دون النظر في عاقبة النهايات.

إن عدم الرسوخ العلمي لدى هؤلاء الشباب، وتغليب فقه التشدد، والاستدلال المنبت عن أصوله وضوابطه المعتبرة، وقلة مستوى التجربة، وحداثة السن يمكن أن يهيئ فراغاً نفسياً وعلمياً، قد يتلاءم مع اندفاع الشباب بحماس غير منضبط، يفضي إلى تعصب فكري يمكن توظيفه إلى عنف سلوكي، ولا سيما إذا تزامن ذلك مع عدم وجود سبل الرزق وكسب العيش، وانعدام الفرص الحقيقية لبناء مقومات حياة كريمة. فالفراغ والبطالة من أشد أسباب ظاهرة الإرهاب، فالأول: داء مهلك للأمة، والآخر: سبيل مفرّخ للإجرام.

أعتقد أن المسألة هي محاولة فهم أعمق لأبعاد هذه الظاهرة، فالإرهاب سلوك اجتماعي مكتسب، وهي قضية ثقافية في الأصل تنتج عنها قضايا أخرى.. وإذا ما أردنا أن نقضي على منابع الإرهاب، فعلينا استثمار أوقات الفراغ، وطاقات الشباب من خلال شحذ تفكيرهم، وحصر وسائل ومصادر وأدوات ترويج الأفكار المنحرفة بين الشباب، للتغلب على ظاهرة الإرهاب، والتواصل مع الجهات المعنية لتوفير فرص العمل للشباب، وإعادة تأهيل الشباب من خلال تحسين الوضع الاقتصادي لهم، والقضاء على هاجس الرزق، وتنظيم أنشطة وبرامج مشتركة لرفع شعار مكافحة الإرهاب عن طريق استثمار الفراغ بالإيجابيات، وإيجاد البدائل المناسبة حتى لا يعيشوا بلا أمل في مستقبل واضح.

كم نحن بحاجة إلى بحوث جادة ودراسات معمقة عن طريق مراكز البحث المتخصص، من أجل تقديم بديل قابل للحياة، وتحسين المجتمع من ظاهرة الفراغ، ليكون خطاً دفاعياً مهماً في وجه الجماعات المتطرفة. وإذا لم يتم استغلال الفراغ بما هو إيجابي ومفيد، سيكون في المقابل من هو على استعداد لملئه بما هو سلبي، وسيكون هؤلاء الشباب لقمة سائغة لحبائل شياطين الإنس، لا سيما وأن غريزة الانتماء شيء لا يمكن تجاهله في عقول الشباب.



drsasq@gmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد