Al Jazirah NewsPaper Saturday  25/07/2009 G Issue 13449
السبت 03 شعبان 1430   العدد  13449
أوتار
شذرات
د. موسى بن عيسى العويس

 

الحياة رغم تعقيداتها ومشكلاتها ممهدةٌ أمامنا، واضحة الدروب، سهلة المسالك، والقليل منا من يهتدي إلى مفاتيح السعادة فيها، أو يحاول أن يتلمسها بكل ما أوتي من سبب.

* تجارب الآخرين المسقطة في مؤلفاتهم وآثارهم وسيرهم هي أهدى السبل وأقصرها لمن يتأملها ويعيها. ولم يكن أمامي هذا اليوم إلا أن أقتبس (شذرات) من أقوال أحد الفلاسفة، تاركاً لنفسي وللقراء أمامها مراجعة الذات ومحاسبة النفس. نأخذ ما يقول (ميخائيل نعيمه):

* (من شاء أن يُحرّر فعليه أولاً أن يتحرر، أما من كان أسيراً لنفسه فحذارِ من أن يدعو الناس إلى الحرية. ومن شاء أن ينير فعليه أن يستنير، أما القلب المظلم فحذارِ من أن يدعو الناس إلى النور، لأنه لا يد لهم في الحقيقة إلا إلى ظلمات.

* لا تبغضوا أحداً من الناس، وإذا كان لا بد لكم من البغض فأبغضوا كل ما في الناس من ضعف وإثم، ولا تبغضوا الشرير وأبغضوا الشر، لأنكم إن أبغضتم الشرّير أصبحتم أشراراً مثله، ولا تكرهوا الظالم واكرهوا الظلم، لأنكم إن كرهتم الظالم كنتم ظالمين مثله. لا تهربوا من الجاهل واهربوا من الجهل، لأنكم عندما تهربون من الجاهل لا تهربون إلا من أنفسكم. أما هربكم من الجهل فهو اقتراب من المعرفة.

* إن الوهم الذي تتفرع منه كل أوهام الإنسان هو اعتقاده أن له ذاتاً منفصلة عن كل ذات، وحياة مستقلة عن كل حياة، ولو سأل الإنسان نفسه يوماً وبإنصاف من أنا؟ لما تمكن من إقامة حد بينه وبين أي إنسان).

* يخطئ من يظن أن (الفيلسوف) يعيش حياة غير حياتنا، أو يسبح في عوالم غير عوالمنا. هم أدركوا جزءاً من الحقيقة بذواتهم، واستظهروا الجزء الآخر من تجارب الآخرين بأنواعها، فاختصروا مسافات كبيرة على غيرهم، وهم يرسمون لنا مثاليات الحياة.

* من الثابت أن الحياة واحدة، شاملة كل الشمول، ومنظمة أبدع التنظيم إلا (أن الناس من حيث الفكر، والخيال، والوجدان، والإرادة ليسوا على مستوى واحد، لأنهم لم يولدوا دفعة واحدة فخبرتهم ليست واحدة).

* بعض المجتمعات لا تنظر إلى القيمة، أو الصفة التي يتبناها (الفيلسوف)، بل تحاكم أفكاره للأسف على استصحاب أعراق وإيدلوجيات مؤطرة لكل ما يأتي ويذر في سلوكه، وهذا هو عين الخطأ ومكمن الخطورة والتخلف في الحياة، بل أساس التأخر، والانغلاق، والانطوائية الذي ابتليت به بعض المجتمعات. لا تقدم للإنسانية ما لم تكسر حواجز التاريخ والزمان والأعراق المختلفة، وليس هناك أجرأ من (فلاسفة) العصر على تجاوز هذه التخوم المصطنعة وفتح مغاليقها المستعصية.

* حتى تحوز المجد الأخلاقي من أطرافه لا بد وأن تضع أمام هاجسك وأنت تتعامل مع هذا الكون ومكوناته أن المجد مثل ما قال (نعيمه): (ليس أن تمشي إلى غاياتك الأرضية على أكتاف الناس، إنما المجد أن تحملهم على كتفيك إلى غاياتهم السماوية). إذن من هذه المنطلقات ندرك حجم المسؤولية العظمى، والأمانة الفكرية الكبرى التي يضطلع بها الفيلسوف، وحريٌ بنا أن ترسم خطاهم، وأن نضع من إبداعهم مثالا.



dr_alawees@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد