ثمة رجال يصنعون التاريخ ويجعلون المهتمين بهذا الحقل الخصيب يتحدثون عن أدوارهم وبصماتهم وتضحياتهم وأعمالهم بكل إعجاب واعتزاز.. لأنهم وبكل اختصار (رجال تاريخ) عشقوا العمل الجاد ونهلوه من معين الإخلاص وكرسوا وفاءهم وعطاءهم خدمة للكيان الذي ينتمون إليه.. هكذا الكبار بتاريخهم التليد تبقى سيرتهم تلوح في أفق الذاكرة ومرصودة في بطن التاريخ.
* ومن هذه النماذج العملاقة بتاريخها الرياضي المشرف الذي تجاوز نصف قرن من الزمن الشبابي المخضرم (محمد بن جمعة الحربي) أحد صنَّاع التاريخ الشبابي الماضي والحاضر وأبرز رجالاته الأوفياء ممن لعبوا دوراً بطولياً في حفظ النادي الأبيض من الضياع في أصعب مراحله بعد أن وجد - شيخ الأندية - نفسه وحيداً بلا عائل عام 1379 برحيل رئيسه آنذاك عبد الله بن أحمد - رحمه الله - لعدم قدرته على الالتزام والوفاء بمتطلبات ومصروفات البيت الشبابي العتيق.. وكاد أن يدلف بوابة الشتات لولا دوره المؤثر في بقائه في دائرة الضوء وبشهادة رموز التاريخ الرياضي بالمنطقة الوسطى.
* بالأمس وفي تعقيبه التاريخي المنشور في (الجزيرة) حول رئاسة الأمير ماجد بن سعود والشيخ عبد الله بن أحمد لنادي الشباب في أوائل الثمانينيات الهجرية.. تحدث رائد الحركة الرياضية الأول بالمنطقة الوسطى ومؤسس الشباب والهلال الشيخ عبد الرحمن بن سعيد - أطال الله عمره - عن الدور الكبير الذي لعبه الشبابي المخضرم (أبو حامد) وخصه في ثنايا تعقيبه قائلاً: (للحق والإنصاف إن محمد بن جمعة وبعد عودة رئيس النادي عبد الله بن أحمد من سفره أواخر الحقبة السبعينية حاول وبكل ما يستطيع ثني الأخ عبد الله عن الاستمرار في تجميد النشاط وطالب بعودته وبعودة الفريق إلى مكانه الطبيعي ويضيف - عميد مؤرخي الحركة الرياضية -: كانت جهود ابن جمعة قد أثمرت وعاد الشباب وعاد رئيسه إلى كرسي الرئاسة.. ثم توالت إعادة اللاعبين الواحد تلو الآخر وبقي الشباب يبني نفسه حتى وصل إلى صعود المنصات وتحقيق البطولات لهذا - والكلام على لسان ابن سعيد - لن ننسى أفضال محمد بن جمعة ولو لم يسارع ويطالب بقوة عودة النادي لما كان على ما هو عليه الآن).. انتهى كلام المؤسس.!!
* مثل هذه الرموز الكبيرة بعطائها وإخلاصها وتضحياتها.. لا شك جديرة بأن تحظى بالتقدير والإجلال من الشبابيين ومنحها التكريم المناسب وليس تهميشها وتناسي بصمتها الريادية وأدوارها المؤثرة على مسيرة النادي، فالواقع يؤكد أن الشبابيين لا يكترثون برموزهم ونجومهم السابقين.. ويمنحونهم التقدير اللازم.. وكم من حفل شهده (البيت الشبابي) لفريق القدم.. وأقيم دون توجيه دعوة لهؤلاء الرموز الكبار للحضور والمشاركة في هذه المناسبات الاحتفالية تشعرهم بقيمتهم التاريخية ومكانتهم الريادية.. ولعل صيغة التهميش التي طالت رجالات النادي الرموز ومنهم مؤسسه (ابن سعيد) شكَّلت ثقافة تأصلت عند أنصار النادي المخضرم.. منذ أكثر من ثلاثة عقود زمنية.. في الوقت الذي سجل فيه الأهلاويون أجمل الأهداف الوفائية والقيم الأخلاقية في الشباك الشبابية عندما كُرم (شيخ الرياضيين) في أكبر حفل تاريخي يشهده في مسيرته الرياضية التي تجاوزت 65 عاماً.. والتكريم في هذه المرة جاء من (ملك الإنسانية والوفاء).. وهذا يكفي لأن يكون خير شاهد على أحادية (ابن سعيد) رجل الحركة التأسيسية والمؤرخ الرياضي العملاق الذي لم يفارق الساحة حتى هذه اللحظة.
***
* يقول الإعلامي المخضرم الدكتور بدر كريّم: المجتمع الرياضي السعودي لا تنقصه الأموال ولا العقول ولا المراكز البحثية.. إنما تنقصه إدارة رياضية واعية تدرك أبعاد ما يتوخاه (البحث العلمي) وتأثيره على حاضر الرياضة ومستقبلها.. فعلاً كلام جدير بالتأمل والدراسة..!!
* وكيل اللاعب المعتمد يفترض أن يكون حاملاً لمؤهل (قانون) وليس كل من اعتزل نصَّب نفسه وكيل أعمال بمؤهل دراسي لا يتعدى (الكفاءة المتوسطة)!!
* يا ساتر.. في نادي الرياض يحاربون المخلصين ليخلو لهم الجو لممارسة السلبية والانفراد في بيع المواهب الصاعدة.!!
* المدرب الوطني رفض الانصياع لآرائهم والسماح لهم بالتدخلات في ما لا يعنيهم..!! فكان قرار الإبعاد بالمرصاد..!!!
* حادثة (نور) وعناده.. تؤكد أن ثقافة اللاعب الاحترافية صفر على الشمال والبركة في الدلال الزائد..!!
* الأوضاع المزعجة والإرهاصات السلبية التي يشهدها البيت الاتحادي قد تدفع بطبيب العميد (المرزوقي) للرحيل من كرسي الزعامة قريباً.
* رحم الله الزميل الأستاذ (محمد الجحلان) الذي أقعده المرض على السرير الأبيض عامين حتى فارق الحياة مؤخراً.. ترك وراءه سمعته الطيبة تتحدث عنه.. هكذا الكبار بقيمهم الأخلاقية يرحلون عن الدنيا لكنهم يعودون بسيرتهم النيّرة والله المستعان.
* بعد وفاة الأمير عبد الرحمن بن سعود.. التقيت بالأستاذ محمد الجحلان في لقاء مطول نشرته الجزيرة.. تحدث فيه عن الرمز الراحل.. فكشف لي عن قامة إعلامية عملاقة استفاد منها ومن منهجها المهني المدعم بالتجارب والخبرة الإعلامية الرصينة.. هكذا رحل أبو خالد (عبد الرحمن بن سعود) وأبو خالد (محمد الجحلان) تغمدهما الله بواسع رحمته.
* قريباً سيكون لي رد وتعليق على تعقيب الزميل المالكي حول قضية تأسيس النادي الأهلي.
المحرر : k-aldous@hotmail.com