مصادر الخطر على الوطن لا تتأتى من جهة واحدة فقط وإلا كانت النظرة قاصرة بل ساذجة ومغيبة عن التفكير الواقعي المطلوب، ليس في هذه المرحلة بالذات فحسب إنما اتضح ذلك في جميع العصور والأزمنة التاريخية، فتنوع الأخطار وتعددها يجعل المتدبر يعلم أن الشر قد يأتي من جميع المصادر ومن كل الجهات، وقديماً قيل (من مأمنه يؤتي الحذر).
ومن بين هذه الأخطار الواجب التنبه الدائم لها هو ذلك الخطر القديم المتجدد ألا وهو أخطبوط المخدرات الذي يتلون في كل شكل وصورة، ويدخل بلادنا من مصادر عديدة يجمعها جميعاً صفة الإجرام المتعمد وموت الضمير والبعد عن الإيمان الذي يحرم إيذاء النفس البشرية فما بالكم بإيذاء المسلم؟
وهذا الأخطبوط المفترس الذي يفتك بأمل هذه الأمة وهم شبابنا الأبرياء من يعلق عليهم الوطن وأهله والدين ومعتنقيه الآمال المستقبلية غير المحدودة, يجعل من هذه السموم المختلفة خطراً داهماً مستشرياً أشد فتكاً من أي خطر آخر يظل محدوداً مقارنة بخطر السم الأبيض المتلون، فهو أقوى أنواع الإرهاب الدنيوي، وأخطر الأوبئة سريعة الانتشار في جسد البشرية جمعاء.
لذا لابد من التعاون المستمر مع الجهود الأمنية المشكورة الموفقة لمكافحة المخدرات بكافة أشكالها وأنواعها ودرء شرها عن بلادنا، وهذا التعاون إنما يكون بكل الطرق وشتى السبل كي نطهر بلادنا وأجساد أبناءنا وبناتنا وأرواحهم من إرهاب المخدرات، فلا تكفي العبارات السطحية مثل عبارة (لا للمخدرات)! بل يجب أن تكون أساليب التوعية أعمق وأبعد وتتخذ طرقاً متنوعة مؤثرة ومقنعة، والتحذير من كل الوسائل الجديدة لهذا الإرهاب المدمر.
والدور الأول يتأتى من الإعلام المستنير والكتاب والكاتبات وجميع الإعلاميين والإعلاميات الذين يحملون على أكتافهم رسالة سامية يعلمون أنهم مسؤولون عنها في الدنيا والآخرة، وذلك بطرق متعددة يكون منها الإشادة بجهود رجال الأمن البواسل في مكافحة المخدرات التي هي أخبث أنواع الإرهاب، وتوضيح ما يقومون به من جهود بطولية، ورثاء شهدائهم البواسل الذين يستشهدون في سبيل الدفاع عن الدين والوطن وأبنائه.
ومع ذلك فنادراً ما نجد من يحرص على الكتابة التنويرية ضد سموم المخدرات و توضيح أنواعها وأضرارها، وأساليب ترويجها، مع أن الأمر يستدعي تكثيف الجهود الإعلامية المتنوعة في هذا المجال الذي هو في غاية الخطورة ويتطلب تكاتف جميع الجهود الخيرة.
كما أن دور المراكز الصيفية الشبابية عظيم الأهمية في توعية الشباب التوعية التي تأخذ شكل الأساليب الحديثة المتطورة، فتجاري الأساليب الجهنمية لعصابات مروجي السموم الذين استدعوا جميع قدرات شياطين الإنس والجن التي تفوق الخيال لخدمة أغراضهم المدمرة، ومن الضرورة بمكان أن تدعم الرقابة الأسرية الإيجابية الفعالة جهود المراكز الصيفية بمصلحيها ودعاتها، المهم أن تتخذ تلك الجهود صفة الديمومة والاستمرارية والتجدد.
g.al.alshaikh12@gmail.com