كنت في ضيافة صديق أقام وليمة بمناسبة شفاء ابنه وخلال حديثي معه، قال: لقد حرصت على أن يحضر هذه المناسبة كل من كان له دور في رحلة علاج ابني وقد سعدت أن طلب مني الابن أن أدعو شخصاً يعمل بالمستشفى قال إنه أرشده في بداية علاجه إلى مكان الصيدلية. لاحظوا تقدير هذا الإنسان لحجم الخدمة وما قابلها من إحساس لا يقل عمّا قدمه الأطباء لعلاجه، هذا الموقف والشعور النبيل لا يستغرب من مجتمع يتمتع بالقيم الأصيلة ومنها حفظ الجميل لكل من قدم لنا خدمة مهما كبرت أو صغرت فلهم من قلبنا التقدير والاحترام.
استحضر هذا الموقف عند قراءتي لبعض اللقاءات التي تجرى مع (بعض) الفنانين التشكيليين التي يكيلون فيها العبارات الساخطة على محرري الصفحات التشكيلية أو الصحفيين الذين قدموا خدمات للفن التشكيلي وكأن أولئك المحررين أو الصحفيين أعداء لهم بالرغم مما قدمه هؤلاء لهم شخصياً وللساحة عامة من جهود مهما قلت أو كثرت لا ينكرها إلا حاقد أو -كما يقول المصريون- (قليل أصل).
وأنا هنا كوني أحد أقل الكتّاب التشكيليين خدمة لهذا الفن وفنانيه على مدى ثمانية وعشرين عاماً وبما أجزم به من ثقة زملائي الصحفيين والكتّاب التشكيليين ومشرفي الصفحات التشكيلية الحاليين والقدامى الذين بذلوا ويبذلون قصارى جهودهم للحفاظ على استمرار صفحاتهم بدعم من رؤساء التحرير في صحفهم وبما يتلقونه من دعم وتقدير من كبار المسؤولين، أن أقول لمحاولي تغطية الشمس بالغربال وادعاء الإصلاح والتغيير وإزاحة جذور لا يمكن الوصول إلى أطرافها واللحاق بها لاجتثاثها لعدم أهلية وقدرة أدوات هدمهم الضعيفة، أقول لمن أعلن نكرانه لجميل هؤلاء مع أن هذا النكران جاء من قلة كنت احسبهم أوفياء، يكفي لهؤلاء الصحفيين ومحرري الصفحات وكتاب المقالات التشكيلية وما يلاقونه من غالبية الفنانين على ساحتنا السعودية والخليجية والعربية ومن أعلى هرم المسؤولية من تثمين وتقدير لجهودهم حفظوا به حقهم الذي وثقه لهم تاريخ مسيرة الفن التشكيلي وامتلأت به ملفات هذه القلة. ويكفي لهؤلاء الإعلاميين التشكيليين الحاليين أو من كان لهم دور سابق أن يحسب لهم تأسيس الصحافة التشكيلية، فأصبحوا بذلك يشكلون رموزاً لا يمكن نسيانهم، كتبوا الخبر والتحليل والمقالة ودعموا الكثير من المعارض وعرفوا بالفنانين للمتلقي ونشروا ثقافة الفن التشكيلي لدى القراء وطالبوا بتأسيس جمعية للتشكيليين في وقت لم يكن فيه لهؤلاء الناكرين للجميل أي دور أو مساهمة أو تعقيب أو متابعة. كما أن كل هؤلاء الإعلاميين التشكيليين لم يكونوا عند مساهمتهم في الإعلام منتظرين ثمناً ولم يكن عملهم تزلفاً أو تسلقاً لمصالح.
ومن حسن الطالع أن التاريخ لن يغض الطرف، بل سيكشف عبر الكلمة والإبداع من كان يبني ومن كان يهدم.
MONIF@HOT MAIL.COM