صدر عن دارة الملك عبد العزيز كتاب مميّز يحفل بمعلومات جديدة يفترض أن يستفيد من محتواه الباحثون المتخصصون في تاريخ المملكة، كما تجعلهم يعيدون النظر في بعض الطروحات السابقة، إذ إنه يظهر بوضوح وجلاء وجود حركة علمية نشطة في منطقة نجد قبل سقوط الدرعية.
والكتاب هو (مكتبات الدولة السعودية الأولى المخطوطة، دراسة تحليلية لعوامل انتقالها واندثارها بعد سقوط الدرعية) من إعداد الباحث الأستاذ حمد بن عبد الله العنقري الذي يقدم نفسه في هذا الكتاب باحثاً واعداً في التاريخ المحلي، فمن يطلع على الكتاب سوف يدرك الجهد الكبير الذي بذله والمتابعة الدقيقة والمنهجية العلمية المميزة، ولم يبالغ معالي الشيخ صالح آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد عندما قال عن الكتاب في التقديم الذي كتبه: (إنه يدل على نفسه بنفسه ووصفه منه وإليه والاستمتاع به يدركه القارئ من حيث يدري أو لا يدري لمتعته ورشاقته وحلاوته والمدار أحلى).
ويبين الأستاذ العنقري في المقدمة أن كتابه يتناول مصير المخطوطات السعودية منذ المبايعة التاريخية بين الإمام محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبد الوهاب حتى سقوط الدرعية على يد قوات إبراهيم باشا في عام 1233هـ ـ 1818م وأنه يقف به إلى عام 1236هـ.
وقد اعتمد في إعداد كتابه على وثائق عثمانية ومصادر أخرى وبذل جهداً كبيراً في تتبع المخطوطات التي نقلت من الدرعية إلى المدينة المنورة وحفظت في المكتبة المحمودية، وهو يبحث عن الأماكن التي جاءت منها المخطوطات وطرق شرائها ومواطنها الأصلية قبل أن تصل إلى الدرعية.
وقد توزع الكتاب على ثلاثة فصول الأول منها كان عن عوامل انتقال المخطوطات السعودية أو فقدها، والثاني الوثيقة العثمانية الخاصة بالمخطوطات السعودية دراسة تحليلية، والثالث الأخير تحقيق الوثيقة العثمانية الخاصة بالمخطوطات السعودية.
والعمل في مجمله يعد عملاً مبتكراً يدلّل به صاحبه على رحابة وسعة الموضوعات التي يمكن أن تتناول في تاريخ الدولة السعودية بدلاً من الدوران في حلقات تقليدية لا جديد فيها.
ومما يزيد من قيمة هذا الكتاب الطباعة الأنيقة والإخراج الدقيق مما يجعله مميزاً في طباعته وإخراجه كما في إعداده وتأليفه.