لم يكن محمد الجحلان (نائب رئيس تحرير صحيفة الرياض سابقاً) زميلاً كنا نتعاطف معه نسبة للحالة الصحية القاسية التي كان يمرّ بها، وبسبب تأثير الوضع الصحي الذي عانى منه طويلاً في مشاعرنا، إذ إنه كان بالنسبة لنا رفيق درب وزمالة وعمر، وإنْ حال مرضه وتنقلاته وسفرياته للاستشفاء من أن نتواصل معه كما كنا نتمنى ونريد.
***
ولم يفاجئني الزميل الدكتور عبدالله الجحلان بالخبر حين نعى لي صباح أمس وفاة شقيقه الأخ محمد الجحلان، فقد كانت حالته الصحية تسوء يوماً بعد آخر منذرة بأنّ علينا أن نتوقع ما انتهى إليه وأن ننتظر ما آل إليه صحياً، بعد أن عجز أطباؤه من إيقاف التدهور السريع مما كان يعاني منه الزميل الجحلان.
***
كان - رحمه الله - ضمن جيل الشباب النابه الذي ولدت موهبته واهتمامه بالصحافة ومن ثم عمله في بلاطها مع تحويل الصحافة إلى مؤسسات يتسع العمل فيها لكل ذي مقدرة ورغبة ممن يتمتع بشيء من الثقافة، حيث إنّ المؤسسات الصحفية كانت آنذاك ولا تزال قادرة لاستيعاب الكثير من القدرات التي كان الفقيد أحد أفرادها المبرزين.
***
وكل من زامل الفقيد، أو رافقه في سفر، أو اجتمع به في مناسبة، لا بدّ وأنه لمس الطيبة المتناهية في سلوكه وشخصيته وتعامله، ولا بدّ أنّ انطباعاً حسناً ومريحاً قد ترسّخ في ذهنه عن رجل كان ذا اهتمام كبير بعلاقاته مع الآخرين.
***
ولا أحسبني، وأنا أتعاطف في هذه اللحظات الحزينة مع والدته وزوجه وأبنائه وبناته وأشقائه وجميع أفراد أسرته، في وضع يسمح لي بأن أستجمع كل صفات الخير التي كان يتصف بها محمد الجحلان فأحدثكم عنها، فقد أقعده المرض وغيّبته الحالة الصحية الحرجة عن التواصل بالمجتمع بما في ذلك التواصل مع الزملاء والأصدقاء، وبالتالي فلم يَعُد في الذهن إلاّ ما كان يمكن أن أتحدث به عن ذكريات قديمة، بينما حملت سنوات مرضه صوراً أخرى عن إنسانيته وتودده ومحبته لكل الناس، دون أن يغير المرض من ملامح هذه الشخصية المخبوءة بكل هذه الصفات الجميلة، وإن غيّرها من حيث الشكل بحكم تأثير المرض القاسي عليها.
***
أعرف أنّ أي كلام عن الزميل الجحلان لن يعيده إلينا صحيحاً وسليماً ليؤنسنا في مجالسنا، لكني أعرف أيضاً أنه خلّف أبناء بررة وصالحين - وهذه نعمة - وترك للتاريخ اسماً لامعاً في أسرته وفي وطنه، وأسرته ونحن إذ نخسره، فهذه سنّة الحياة، وليس لنا من حيلة إلاّ الدعاء له بالمغفرة من كل ذنب، ومقدمين أحر التعازي القلبية لوالدته وأهله وبنيه في ساعات محنة ليس أمامهم وأمامنا إلا الصبر والاحتساب والدعاء للفقيد لدى رب غفور رحيم.