Al Jazirah NewsPaper Monday  20/07/2009 G Issue 13444
الأثنين 27 رجب 1430   العدد  13444
نهارات أخرى
صورة المرأة في ذهنية الرجل!
فاطمة العتيبي

 

عشرون ألف حالة ابتزاز للفتيات سجلتها جمعية حماية الفتيات من الابتزاز في السعودية, خلال ستة أشهر فقط!!! وأتوقع أن تنشأ قريباً جمعية حماية الشباب من إلصاق التهم النسائية..! على افتراض أنه من المستبعد أن تكون كل التهم صحيحة!!!

ما هذه العلاقة التي تربط بين الشباب والشابات؟.. علاقة قائمة على الاستغلال والتّربص والتصيُّد والنهم الجنسي تحديداً من كلا الطرفين.

لذلك من المتوقع أن تزداد الجهات المعنية بالحماية, وهل تظنونها تكفي؟.. لست متفائلة!

فمن يرد الإساءة لأحد لن تعجزه الحيلة وسيبتكر كل مطلع يوم جديد أسلوباً مبتكراً للاستغلال والتّربص والإساءة!

أعتقد أن المُجدي هو التربية المجتمعية المنفتحة القائمة على احترام الإنسان بقيمته والنظر إلى آدميته وليس لجنسه!

ما معنى أن تتقدم الفتاة للوظيفة فيستغل أحد الموظفين بياناتها الشخصية ويبتزها على أساسها, يستغل رقم هاتفها وصورتها في البطاقة الشخصية وعنوان منزلها ويهددها بنسج قصص حول هذه المعلومات ويفضحها إن لم ترضخ لمطالبه وتستجيب لرغباته!!! لا ننشر صورنا في الصحف إذ لا حاجة لنا بذلك, ولكن ماذا عن بطاقاتنا الشخصية؟ وماذا عن تعاملاتنا الرسمية بها؟ هل ستكون النساء عرضة للابتزاز مقابلها.. أيضاً؟

ما هذه الوحشية الذكورية..؟ هل في ذلك تنظيم خفي يقاوم فيه مجتمع الذكور مزاحمة النساء لهم في العمل وتهديد سلطتهم وسطوتهم المعتمدة على النفوذ المالي والمعنوي؟, فيبتكرون من الأساليب ما يجعل المرأة تفضل الاستكانة والكمون في المنازل على أن تخرج للنور وتعمل وتشارك وتحقق ما تريد عبر عمل نسائي متراكم النجاحات يقبله ويباركه المجتمع لأنه من نسيجه ويظهر تحت عباءته وليس خارجه!

كلنا لنا صور في البنوك والجوازات وقريباً ستختفي بطاقة العائلة وتصبح إثباتات الموظفات في كل الدوائر الحكومية هي بطاقاتهن الشخصية.. فهل ستكون كل نساء المجتمع تحت التهديد؟

هذه الثقافة الذكورية المتوحشة التي تستغل وتتربص وتتصيّد؟ كيف نهذبها؟

وكيف نزرع في داخلها التقوى واحترام كرامة وإنسانية المرأة؟ كيف نتخلص من إرث ثقافي دخيل على نسيجنا القبائلي الذي كان يوقر المرأة ويعاملها شقيقة للرجال فاقتحمته وسيطرت عليه ثقافة هجينة تجعل من المرأة فريسة وضحية وضعيفة و... و...

لو استعرضت أمثالنا وشعرنا الشعبي قبل خمسين سنة لوجدت صورة المرأة في ذهنية الرجل مختلفة تماماً عما هي عليه في العشرين سنة الأخيرة.. إن هذه المقارنة مجال بحث ممتاز في أدبيات الوعي المجتمعي وتحولاته في التعامل مع المرأة.

إن المبالغة في التعامل مع المرأة كحمولة من العبوات الناسفة يحملها الرجل كمسئولية على أكتافه ويسير بها في طريق مليء بالألغام هو إعادة للجاهلية الأولى التي يكفهر بها وجه الرجل حين يُبشر بالأنثى!! ويحتاج إصلاح الأمر إلى إصلاح المناهج وتحسين صورة المرأة فيها وإعادة النظر في إدراج النصوص الدينية التي تخص المرأة، ومتى تدرج وما جدوى إدراجها؟ خصوصاً أنها في الغالب تدرج وهي مفصولة عن مناسبتها التي قيلت فيها, مما يجعل معناها يأتي عاماً ودالاً عليه وهي غير ذلك.

في مجتمع يوغل في التحذير من المرأة واعتبارها عبئاً ثقيلاً لا يخف حمله إلا بالتخلص منه بالموت.. لا يُلام الرجل حين يبتئس لإنجابه البنات فهن والحال هذه همّ إلى الممات!!



fatemh2007@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد