كما يساهم تعامل الآباء أحياناً في إيجاد روح التمرد السلبي الهدام فإن للمدرسة دورها الفاعل في هذا المجال بما فيها من نظام وطريقة تعامل معقد يلمس فيه الطالب التجاوز على شخصيته وطموحه الدراسي، أو لا ينسجم مع الظرف الواقعي له فيساق بهذه الأسباب وغيرها إلى تحدي النظام المدرسي وإحداث المشاكل فترك الدراسة.
جاء ذلك في أحد المواقع الإلكترونية نقلاً عن كتاب قراءة في عالم الشباب، ويضيف الكاتب أنه لذلك كان من الضروري أن تكيف المدرسة وضعها ونظمها مع روح العصر وظرف المجتمع وتتعامل مع الطالب في هذه المرحلة بوعي لطبيعة الصبا والمراهقة ومشاكلها من خلال التربية والتعامل كموجه وخبير يحل المشاكل وليس طرفاً مواجهاً يريد الانتقام وفرض العقاب إلا إذا كان العقال ضرورة للإصلاح. وللطبيعة النفسية والعصبية ومستوى التعليم والثقافة للمراهق أثرها البالغ في التمرد والرفض والتحدي. فمرحلة المراهقة هي مرحلة الإحساس بالغرور والقوة وهي مرحلة الإحساس بالذاتية والانفصال عن الوالدين لتكوين الوجود الشخصي المستقل، وهي مرحلة تحدي ما يتصوره عقبة في طريق طموحاته على مستوى الأسس والدولة والمجتمع لذا ينشأ الرفض والتمرد السلبي كما ينشأ الرفض والتمرد الإيجابي. ومعالجة ظاهرة التمرد السلبي تكون بالاهتمام بالتربية السليمة المبكرة وتوعية المراهقين على مشاكل المراهقة وإبعاد المثيرات من الأجواء المحيطة بالمراهق، فالشاب والشابة اللذان يتمتعان بمستوى من الوعي والثقافة يتفهمان الحوار والمشاكل ويتقبلان الحلول المعقولة من غير تمرد وإساءة في حين يتصرف الشباب الهابط الوعي والثقافة بعنجهية وسوء تصرف ولطبيعة الظروف والأوضاع السياسية والاقتصادية والفكرية والاجتماعية وللقوانين والأعراف تأثيراً بالغاً وبالاتجاهين السلبي والإيجابي على سلوك الشباب وموقفهم من السلطة والقانون والأوضاع القائمة.
فالظروف التي يشعر فيها جيل الشباب بالفقر والحاجة وتضيع أحلام مستقبلية والاضطهاد الفكري يندفع بقوة إلى تحديها والتمرد عليها بالرفض وعدم الانصياع والرد بالعنف والقوة أحياناً، كما يحدث في كثير من بلدان العالم لذا فإن الحرية المعقولة وتحسين الأوضاع الاقتصادية وتوفير الحقوق الإنسانية ومشاريع التنمية الخدمية التي تستوعب مشاكل الجيل وتطلعاته هي السبيل لمعالجة حالة الرفض والتمرد السلبي. يبقى علينا أن نقوم بتقويم ومراجعة معاملتنا لطلابنا في المدارس ولأبنائنا وبناتنا في المنازل حيث يعد هذا من أحد السبل الفاعلة للمشاركة في حل مشاكل الشباب وكسبهم واحتوائهم في محيط ثقافتهم المحلية والاستفادة منهم في عمليات التنمية المجتمعية، وعلى الله الاتكال.