Al Jazirah NewsPaper Monday  20/07/2009 G Issue 13444
الأثنين 27 رجب 1430   العدد  13444
المطعم الإيطالي.. وحوار التنمية والحضارة!
ماجد بن ناصر العُمري

 

كنت وصديقيّ أحمد وخالد نتناول الغداء في مطعم إيطالي على ساحل مدينة عالمية حديثة، فقال أحمد: لمَ لا يكون لدينا كالذي لديهم؟

فزاد الحوار عمقاً أكثر، حول ماهية الحضارة والتنمية، متنقلين ما بين الفكر الغربي والشرقي والإسلامي، وكان التاريخ بيننا، فسألتهم من هو أعظم قائد في تاريخ الإنسانية؟ فأجابوا بنفس اللحظة (محمد صلى الله عليه وسلم) ولكنني عاودت السؤال مرةً أخرى: ما هي المباني والقلاع التي تركها أعظم قائد في التاريخ؟

وكان الجواب بالطبع لم يترك مباني عظيمة فحتى مسجده الشريف كان من أبسط المباني، ولكن هل صنع حضارة؟ فكان جوابهم: نعم وبكل تأكيد فقد ترك لنا أعظم حضارةٍ إنسانية، فتساءل خالد: إذا ما هي الحضارة؟

فكان الجواب: (إن الحضارة منهج فكري يحتاج إلى أرض وشعب وزمان وحكومة ليتشكل في أشكال) فقال أحمد: والمباني والمصانع والطرق؟ فعلقت قائلاً: إن هذه هي المدنية أو الأشكال التنموية ولكنها ليست الحضارة، فرد خالد: فما دامت لدينا إيرادات النفط والحمد لله فلا نحتاج من حكومتنا الرشيدة إلا أن تصنع لنا مدنية أو تنمية كما أسميتها كالتي في دول العالم المتقدم ولا نريد من حضارتك وفلسفتك شيئاً!

فكان سؤالي: من الذي سيصنع التنمية ومن يديرها؟ لا بد أنه الأجنبي! وإذا ضعفت موارد ميزانيتنا من النفط لأي سببٍ كان فمن الذي سيصنع لنا البدائل؟

وذلك هو (مربط الفرس أو بيت القصيد) كما يُقال، فمن يبني المباني دون بناء الإنسان سيجني جدراناً من الإسمنت، ولكن من يبني الإنسان من خلال الحضارة أو المنهج الفكري المستند إلى المنهج الإسلامي الرباني، مع التسلح بأدوات العصر من الإبداعات الغربية العظيمة فإنه سيرتكز على قاعدةٍ صلبة تستطيع صناعة التنمية بمفهومها الشامل، أن الإنسان أولاً وأخيراً لا يبنى إلا من خلال الفكر، والقيَم والمهارات، عبر منهج استراتيجي شامل، وعندها سيكون لدينا حضارة (سعودية) تنير العالم بضيائها مستمدةً النور والأمل من المنهج الرباني الكامل، وستتوالى منتجاتها بأشكال تنموية عظيمة جذورها في التراب وهامتها في السحاب

وفي آخر اللقاء.. كتب صديقي خالد على ورقة صغيرة صنعها على شكل سفينة واضعاً إياها برفق على شاطىء الخليج وخاطبها بهمس: (اذهبي إلى وزارة الاقتصاد والتخطيط وبعدها إلى وزارة التربية والتعليم) وعليكِ من الله السلام.

كاتب ورجل أعمال


majed@alomari.com.sa

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد