لم ينتظر الرأي العام الأمريكي كثيراً ليعرف ماكانت تفعله الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة جورج بوش الابن؛ فتلك الإدارة انتهكت جملة من القوانين الأمريكية بعضها يعدها الأمريكيون من المسلَّمات المقدسة التي لا يمكن الاقتراب منها، مثل الحفاظ على الحياة، وعدم التحريض على القتل، وحرية الرأي والتعبير.
المعلومات التي بدأت بالظهور منذ اليوم الأول لمغادرة جورج بوش الابن البيت الأبيض، أظهرت أن الإدارة السابقة جميعاً متورطة من الرئيس إلى أصغر وزير ومدير وكالة متخصصة، فالرئيس السابق بوش أعطى الأوامر بالتنصت على الأمريكيين وتتبُّع مكالماتهم الهاتفية، وخرق قوانين الحرية الشخصية وباتت حرية التعبير التي عدّها الآباء المؤسسون للاتحاد الأمريكي من المسلَّمات المقدسة منتهكة من عهد بوش الصغير، وهذا يفسر وقوف جميع المثقفين والفنانين الأمريكيين ضد بوش ودعمهم للمرشح الديمقراطي أوباما ضد المرشح الجمهوري الذي هو مرشح بوش، السناتور مكين.
آخر فضائح إدارة بوش السابقة إخفاؤها برنامجا سريا لمكافحة الإرهاب عن المشرعين الأمريكيين أعضاء مجلس الشيوخ والنواب، فقد ذكرت صحيفة واشنطن بوست، أن نائب الرئيس السابق ديك تشيني أخفى عن الكونغرس مشروع وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية الذي يقضي بتدريب عملاء الوكالة على قتل أعضاء الجماعات الإرهابية أو ممن يتهمون بالقيام بالأعمال الإرهابية أو أعضاء تنظيم القاعدة.
ومشروع تدريب أعضاء وعملاء وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية سي آي إيه سبق وأن كشفت عنه صحيفة نيويورك تايمز قبل أسبوع، وذكرت أن ديك تشيني عمل بكل سبل على عدم معرفة الكونغرس تفاصيله، وأن مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية الجديد ليون باتيتا الذي عينه الرئيس باراك أوباما قد أوقف المشروع، ثم قام بإطلاع الكونغرس الأمريكي الذي تفاجأ أعضاؤه عن وقف مشروع محجوب عن الكونغرس منذ عام 2001م.
وهكذا، تكشفت جريمة أخرى من جرائم الإدارة السابقة التي خرقت كل شيء من حرية الرأي وحرية التعبير، وانتهكت خصوصية المجتمع الأمريكي بالتنصّت على المكالمات الهاتفية، وقيدت حريات العديد من البشر، بتنظيمها عمليات للخطف والقبض على العديد من معارضي الحرب الأمريكية، ونقلهم إلى سجون سرية، وأخرى ذات مواصفات خاصة كمعتقل جوانتانامو، وأخيراً تدريبها عملاء وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية على قتل المشتبه بهم أو المهتمين بالانتماء لتنظيم القاعدة، أي: قتل بالشبه..!!
وكل هذا يتم دون إخطار الكونغرس، ودون موافقات قضائية، وهو ما لم ترتكبه أي من الأنظمة الدكتاتوية التي عملت إدارة بوش على شن الحروب ضدهم وإسقاطهم، لترتكب هي أفعالا أكثر بشاعة منهم..!!
jaser@al-jazirah.com.sa