Al Jazirah NewsPaper Monday  20/07/2009 G Issue 13444
الأثنين 27 رجب 1430   العدد  13444
الرئة الثالثة
حديثان عنهن!
عبدالرحمن بن محمد السدحان

 

(1) قيادة المرأة للسيارة

* أعجبُ ويستبدُّ بي العجبُ حين يُصر أحدُهم، على (التعجيل) بقيادة المرأة للسيارة، وكأنه أمرٌ يُحسَم (بجرّة قلم)، أو كأنه لم يبقَ ضمن (أجندة) التنمية الحالية في هذه البلاد المباركة من شأن نشْقَى به وله سوى (قيادة المرأة للسيارة). والأعجبُ من هذا أو ذاك أنّ جلَّ السائلين أو المتسَائلين حريصون ما وسعهم الحرْصُ على معرفة ردِّ للسؤال (متى) لا السؤال (كيف) يتم هذا الأمرُ!

**

* وتعليقاً على هذا الموضوع أقول:

* أولاً: ليس لهذا الموقف في تقديري المتواضع أولوية حادة يُشَدُّ إليها رحالُ الذهن، ويُعْنَى لها وبها الخاطرُ كما يفعل بعض الرجال، وبكثافة لافتة أحسبُ أنها قد تستنْفرُ عجَبَ طائفةٍ من النساء لا إعجابَهن!

* ثانياً: حسْبُنا اليوم إدراكاً أن شوارعَ معظم مدننا الكبيرة وميادينها وطرقَها العالية مبتلاة بمراهقات بعض الذكور، الكبار منهم قبل الصغار، في التعامل مع السيارة ومَنْ فيها ومن حولها مَنْ البشر ومع الطريق نفسه، ومع أوامر السير ونواهيه وآدابه وممارساته. وقد يبلغُ هذا الأمر حدًّا من الخوف تَرتِعدُ له فرائصُ بعضِ الرجال منا في أوقاتٍ وأماكنَ معينة، فكيف الأمر لو كان السائقُ امرأةً، كيف ستُعاملُ أو تتعاملُ هي مع هذه (المتطلبات) والنتوءات الأخلاقية التي تشوّه شخصية بعضنا بوعْي حيناً، وبدونه معظم الأحيان!

**

* ثالثاً: هناك في تقديري المتواضع أوْليات.. تهم المرأة.. وتهمنا معها ولها، من أهمها ما يلي:

1 - تنقية بعض الأذهان مما يلوثها من (طحالب) بعض الموروث من الأعراف تجسدها رؤى نمطيةُ (مسبقة التصور) حول المرأة، ومحاولة تفهّم أوضاعها وطموحاتها ومعاناتها في مجتمع (ذكوري) الكيف والإرادة والهوى، وهي التي كرّمها ديننا الحنيف قرآناً وسنةً من عبث الجاهلية.

2 - تفعيل دورها الوطني تفعيلاً ذكياً وعاقلاً ومسؤولاً ينمِّي أداءها وعطاءها، ويحفظ لها كرامتها وعفتها، ويصونها مما أصاب سواها.

**

(2) بدعة (الأقلام النسائية)!

* بدعةٌ قديمةٌ وسقيمةٌ يتلقفها السمع والبصر بين حين وآخر تتحدث عن (الأقلام النسائية) ومشاركتها في وسائل الإعلام المحليّ، وتعليقاً على ذلك أقول:

* أولاً: لا أرى حكمةً في تصنيف الأقلام إلى (نسائية) و(رجالية)، فتلك بدعة لا أدري كيف غَشَت بعضَ الأذهان، مثلها مثل صنوتها القديمة (أدب الشيوخ وأدب الشباب)!

**

* ثانياً: أن الكلمةَ المبدعةَ لا تفرّقُ في انتمائها ولا في ولائها بين رجل وامرأة، فمرجعيتُها وولاؤُها الأول والأخير للإبداع نفسه!

لذا، أرجو أن تختفيَ هذه البدعةُ من أذهاننا، ومن أسنّةِ أقلامنا، لأن في احتضانها هَضْماً لحق المرأة في التعبير، وكأنّها تكتبُ بمداد غير مداد الناس، أو كأنها (تتنَفّس) فكراً مغايراً لما ألفه الآخرون!

**

* ثالثاً: أن المعيارَ الحقيقيَّ للكلمة المبدعة لا تتحكم فيه (أنوثةُ) أو (فحولةُ) القلم الذي ترسم به إبداعها، بل في قدرتها على اختراق جدار الوعي عقلانيةً وصدقاً وتأثيراً!

* رابعاً: أعتقدُ أن صحافتنا قادرةٌ على استيعاب عطاء المزيد من المثقفات اللاّئي تضمّهن الجامعاتُ ومقاعد الوظيفة، وبعض جدران البيوت، منهن المعروفات حضُوراً وعطاءً.. ومنهن من تحجبهن سُحبُ التجاهل أو العادات أو رهبة الظهور تأثُّراً بسطوة المجتمع الذكوري!

**

* خامساً: أن المشاركَاتِ النسائية الحالية تعرض الغثَّ والسمين، أُسوةً بنا معشرَ الرجال، لكنها تظلّ مقلّةً، حجماً وعطاءً، في قنواتنا الإعلامية مسموعةً ومرئيةً ومقروءةً.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد