لعل من الدوافع التي دفعت أديبنا وأريبنا معالي الدكتور عبدالعزيز بن عبدالله الخويطر -متعه الله بالصحة والعافية- إلى إكمال مسيرته وترحاله في كتابه البديع (وسم على أديم الزمن) (ط1 لعام 1430هـ، دار القمرين -أنارها الله تعالى) علَّ من هذه الدوافع حرص محبيه وعاشقي أدبه ومريدي فنه على شغفهم وتوقهم إلى معرفة حياته الإدارية، وقد حقق لهم ما أرادوا، فمن خلال القراءة في هذا الجزء والذي سبق والذي سيلحق به-إن شاء الله تعالى- سيستطيع القارئ أن يعرف ويتلمس خطوات وقواعد الحياة الإدارية الكبيرة التي قام بها معالي الوزير الأديب الخويطر، فهو أول من وضع الأسس، وبذل في ذلك الثمين والنفيس، بل بذل جهداً جهيداً جباراً، لا يقوم على أكتاف رجال إلاّ من أمثال معاليه، بل هو من تضرب إليه أكباد الإبل وسيرته الذاتية (وسم على أديم الزمن) خير حجة، وأوثق دليل على تولي هذا، لا يملك الناظر في هذه السيرة بما فيها من حياة إدارية أو غيرها إلا أن يكن له الاحترام والتبجيل والتقدير، وفي هذا الجزء إقدام أديبنا وراعي خواطرنا على مغامرته الإدارية من خلال ترجمته الذاتية والنفسية، وهو يستعيد ذكريات مرت به، فكأنه يعيش حياته مرتين، مدَّ الله في عمره وبارك فيه، ومن خلال النظر في هذه القراءة المتواضعة، لك الحق أيها القارئ الكريم أن تتساءل عن محتوى الكتاب وفحواه، وقد بادرنا المؤلف بحدسه وحاسته السادسة بما نفسه: (هذا هو الجزء الثاني لمذكراتي في المملكة، إذ إن ما ذكرته عن حياتي في إنجلترا بدأ بالجزء الثامن وانتهى بالجزء الحادي عشر، هذا الجزء الثالث عشر ركز على عملي في الجامعة في حقبة الإنشاء التي مرت بها، ولهذا جاء فيه بعض الوصف لمباني الجامعة، وما مرت به من خطوات.. وما قابلناه من صعوبات وما بذلناه من جهد لملء الفراغات... ولعل من أبرز ما جاء في هذا الجزء ما جاء عن إنشاء معهد الإدارة، والخطوات التي سار عليها في الطريق المرسوم له باقتدار، أوجبه ما تبين من أهميته للإدارة الحكومية في المجالات المختلفة، وعدد اجتماع مجلس إدارته يُرى مدى الاهتمام به لحاجة البلاد إليه...)، وفي هذا الجزء إشارة خاصة إلى الاعتراف بجامعة الملك سعود -عليه رحمة الله وغفرانه- عالمياً، وكان ذلك لعدة أسباب: من أهمها: امتحانات الطلاب في العمل الجامعي وما جاء فيها من عقبات وصعوبات تم تجاوزها بفضل الله ثم بفضل خلية النحل الخويطرية تلك الخلية الدؤوب التي لا تعرف مللاً ولا سأماً بل اتسمت بالجد ولا دقة والمثابرة، فحازت على رضى السنون واعترف بها عالمياً ويكفي معالي الدكتور الخويطر فخراً بهذا، وفي هذا الجزء إشارة إلى الجمع بين الإدارة والتدريس، فهو يحب مادة التاريخ لا سيما تاريخ المملكة العربية السعودية، تلك البلاد التي مشى على أرضها، واستنشق عبير هوائها، واستظل بظل سمائها، هذا التاريخ قد شغف قلب الوزير شغفاً فانطلق إدارياً ومدرساً في نفس الوقت وهو يقول لنا: (لم يحل هذا الجزء من إشارة إلى تدريسي تاريخ المملكة العربية السعودية من عملي الإداري، والتدريس كان له أهميته عندي، لأنه يتيح لي أن لا أبتعد عن الجانب الأكاديمي، ولأنه يتيح لي أن يكون لي إنتاج يبقى، لأن الإدارة عمل لا يبقى، أما التدريس فحصيلة باقية ليس فقط فيما أكتبه أو أنشره، ولكن فيمن يتخرج على يدي من طلاب يحملون العلم من جيل إلى جيل وقد بينت مدى اعتزازي بتلاميذي)، ومن خلال هذه الكلمات السابقة يظهر عشق الخويطر وحبه لأبناء وطنه فهو حريص عليهم، بما يسقي عطشهم ويروي ظمأهم من علم تعلمه وبرع فيه فأحب أن يحفظ في صدور الرجال، والخويطر -حفظ الله خاطره من الكسل والملل- ينطبق عليه قول الشاعر القديم، والذي بكى وبكي ثم نفث حقيقة ما يجري في صدره حين قال: