نحن نؤمن بالله رباً، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبياً، وبالإسلام ديناً، قبل أن يبتدع زغلول النجار ومن لف لفيفه من المنتمين إلى (الصحوة) في محاكاتهم أسلوبه وطريقته باستخدام ما يُسمى (الإعجاز العلمي في القرآن). فالقضايا التي تعتمد على الرصد والمشاهدة الحسيّة، ومن ثم التجربة والبرهان، تبقى قضية (احتمالية)، قد تختلف بتغير المعطيات، أو باكتشافات جديدة؛ فما قد تثبته التجارب اليوم، قد تنفيه تجارب أخرى غداً، وهكذا دواليك. أسلوب النجار هذا قد ردّت عليه قبل مئات السنين عجوز في نيسابور. يقولون في الموروث: إن عجوزاً في نيسابور كانت ترش الماء أمام باب بيتها، وفي رواية أنها كانت تطعم دجاجاً أمام منزلها؛ فصادف أن مرّ ببابها عالم كبير، فلم تفسح له الطريق، فتقدم أحدُ طلابه، أو مريديه، إلى العجوز وقال: أتدرين من هذا؟ قالت ومن عساه أن يكون؛ قال: هذا فلان؛ هذا الذي أثبت وجود الله بتسع وتسعين حجة. فضحكت العجوز وقالت: أوَ في الله شك! ولعمري لو أدركت هذه العجوز المؤمنة (الحكيمة) زغلول باشا النجار الذي يعيش كالطحلب على اختراعات (الغربيين) واكتشافاتهم، التي هي دائماً محل جدل وأخذ ورد، ثم (يبيعها) للبسطاء، لقالت ذات المقولة، ولأصابت - كما يقول السلف - كبد الحقيقة.
زغلول النجار، من ضمن خزعبلاته، أشار في موقعه إلى أن الصيام علاج للأمراض، كما أكد ذلك باحثون غرببون. وأتى بقائمة من ضمنها أنه علاج لمرضى السكر (وهذه فيها نظر)، ومن ضمنها أنه يقوي جهاز المناعة في جسم الإنسان. غير أن هذه الأبحاث - كما هي العادة - تعرضت إلى نقد علمي، أثبت فيه باحثون أن البيئة التي جرت فيها التجارب على حيوانات الاختبار كانت مُعقمة، وعندما أجريت ذات التجارب على ذات الحيوانات، في بيئة طبيعية، ثبت أن التجربة غير دقيقة. طيب؛ المنطق يقول إذا كان الاستشهاد مع وجود الفارق، فلا قيمة له؛ فكيف - إذن- ندافع عن رأي زغلول باشا؟
وهذا التناقض - بالمناسبة - أشير إليه بالتفصيل، وبطريقة علمية، في أحد منتديات الإنترنت المتخصصة.
ولكبار علمائنا موقف صلب من هذه الخزعبلات؛ سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - سئل عن هذا التوجه في تفسير القرآن الكريم، فأجاب بقوله: (أنا أحذر غاية التحذير من التسرع في تفسير القرآن بهذه الأمور العلمية ولندع هذا الأمر للواقع، إذا ثبت في الواقع فلا حاجة إلى أن نقول القرآن قد أثبته، فالقرآن نزل للعبادة والأخلاق، والتدبر، يقول الله - عز وجل - {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ}صّ: (29) وليس لمثل هذه الأمور التي تدرك بالتجارب ويدركها الناس بعلومهم، ثم إنه قد يكون خطراً عظيماً فادحاً في تنزل القرآن عليها). انتهى.
والسؤال: هل سيمتنع النفعيون والانتهازيون بعد هذه الفتوى القاطعة؟
إلى اللقاء.