الطائف - محمد الفعر
ظهر المنثور في جادة سوق عكاظ 3، وهو الذي يصنع من الجلد، وكان يُلبس من قبل البنات فوق الحزام المشغول بالقصب والحرير، والذي لا تعرفه الأجيال الحالية، وخرج من دائرة اهتمام الناس. أم عبدالرحمن بائعة الملابس القديمة وإحدى الحرفيات المشاركات بجادة السوق في دورته الثالثة، التي بدأت هذه الحرفة منذ أن وصلت إلى سن الخامسة من عمرها، أشارت إلى أنها اكتسبت هذه الحرفة عن والدتها منذ الصغر, وتقوم بعرض الملابس التراثية الخاصة بها، ومنها حزام مصنوع من الجلد، وهو ما يسمى بالمنثور المشغول باليد، وهو غالي الثمن، وقد يحتاج إلى مواد خام أكثر من خمسمائة ريال، وقناع وثوب حاكته بمساعدة أختها استغرق أكثر من خمسة أشهر، إضافة إلى عرض ملابس البنات وهي ما يسمى بالدرع، وعادة ما يكون باللون الأحمر، والبيرم أو ما يسمى بالقناع.. والمسميات تختلف من قبيلة لأخرى.
وبينت أن الثوب كان يستغرق وقتاً طويلاً جداً، ويحاك على مراحل، بداية من الصدر، وهو ما يسمى بحلق الثوب، ومن ثم الأكمام والبدنة التي هي وسط الثوب، والحردة وهي جوانب الثوب، وحذوة الثوب وهي ما يشكل نهايته.
وقالت: كنا نستخدم القصب الحر الغالي الثمن، وهو ما يجعل الثوب يحافظ على جودته وقتا طويلا, ويكون أحد أسباب غلاء تلك الملابس التي تتجاوز خمسة عشر ألف ريال، والعمل اليدوي قد يتجاوز السنة والسنتين والثلاث في بعض الملابس, فقد كنا نبدأ في تجهيز البنت للزواج منذ أن تصل إلى سن الخامسة من عمرها، والمحرمة التي توضع على الرأس بلونها الأبيض المنقوش، والتي تحتاج إلى أكثر من شهر، والطرحة المشغولة التي تعلو المحرمة بلونها الأسود، والسروال المقصب الذي قد يستغرق الشغل فيه أربعة أشهر. وكانت البنت تتزين بهذه الملابس في زواجها وتستخدمها في المناسبات والأعياد في تلك الأوقات. موضحة أنه الآن يُستخدم فيما يسمى بالغمرة أو الحناء، وهي وضع الحناء للعروس قبل زواجها مباشرة، وينص الطراز القديم على أنه دون وجود الرجال، وهي مناسبة خاصة بالنساء فقط. ولفتت أم عبدالرحمن إلى أن هناك أيضا مشغولات تكون ضمن جهاز العروس وهي ما تسمى في ذلك الوقت ب(دبش العروس) والمناشف المشغولة باليد والبيوز، وهي ما يستخدم كواق للدلال، وبيت المخدة المطرز وثوب المساند والمشغولة بالقصب وجربان (حقائب مصنوعة من جلد الغنم) حيث لم يكن هناك شنط كالموجودة اليوم، والكشمة وهي أيضا مصنوعة من الجلد، التي يوضع بها البن والهيل، وكذلك القربة.
وأكدت أنها واجهت معارضة شديدة من بناتها في بيع هذه الملابس التي يعتبرونها ثروة وطنية رغم أن جيل اليوم أعرض عنها، معتبرة أن المشاركة في سوق عكاظ فرصة لإيصال الرسالة للأجيال الجديدة التي أعرضت عن هذه الحرفة. وقدمت أم عبدالرحمن شكرها للقائمين على سوق عكاظ الثقافي، وفي مقدمتهم صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز؛ لما قدموه للموروث الشعبي والصناعة اليدوية من دعم ورعاية.