Al Jazirah NewsPaper Sunday  19/07/2009 G Issue 13443
الأحد 26 رجب 1430   العدد  13443
حماية المنتج المحلي في إطار منظمة التجارة
د. محمد عبدالرحمن الشمري

 

يعد انضمام المملكة لاتفاقية منظمة التجارة العالمية واحداً من أكبر التحديات التي واجهت صناع القرار بالمنظمة لعدة أسباب، منها، قلة الخبرة في النظام التجاري متعدد الأطراف مقارنة بموقف الدول الأعضاء في اتفاقية (الجات 1947م).

والبناء القانوني للأنظمة الاقتصادية السعودية وقتها التي لا تتوافق وقواعد المنظمة. وتعسف القوى المتنفذة فيها إلى درجة خلط الأمور السياسية بالمسائل التجارية .

والخوف من المزايا النسبية للبتروكيماويات السعودية أن تؤدي إلى قتل مثيلاتها من الصناعات المترنحة في بعض الدول الأوروبية على وجه التحديد.

ولولا الزيارة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين -يحفظه الله- للولايات المتحدة الأمريكية عام 2004م، وتعهد الرئيس بوش وقتها بإزالة العراقيل الأمريكية أمام انضمام المملكة، والجهد الدبلوماسي الذي بذله وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، وكذلك جهود الفريق الفني خاصة المسائل التي عهد بها للأمير عبدالعزيز بن سلمان مساعد وزير البترول والثروة المعدنية، لتأخرت عملية الانضمام أو تعثرت.

لكن التحدي الأكبر الآن يتمثل في إجادة الدفاع عن مصالح المملكة في إطار المنظمة وقواعدها وآلياتها التي وضعها الأقوياء لكي تستعصي على من لا يجيدون فن اللعبة وتفسير ما تحتويه السطور. فالمنظمة عكس الكثير من المؤسسات الدولية لا تحتوي على ميثاق، بل تقر مبادئ ونظم، وتفرض على الدول تقديم تعهدات والتزامات.

وتدار المسائل في أروقة المنظمة عبر المفاوضات والمناورات بل والخداع أحياناً.

وأكبر خديعة واجهت الدول النامية في إطارها، هي تنصل أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي من تعهداتها في مجال تحرير قطاع الزراعة والمنسوجات، بعد أن نفذت الكثير من الدول النامية تعهداتها في مجال تحرير قطاع الخدمات وحماية الملكية الفكرية. وهذا التنصل يعد أحد الأسباب الجوهرية لتعثر مفاوضات التجارة حتى الآن.

ونعتقد أن أولى خطوات الدفاع عن مصالح المملكة تتمثل في فهم وإتقان (قواعد حماية المنتج المحلي) الذي قصدت من خلاله المنظمة إيجاد توازن بين متطلبات تحرير الأسواق وتدفق التجارة بين الدول الأعضاء من جهة، وبين حق الدول في حماية منتجاتها المحلية وصناعتها الداخلية من الضرر والممارسات التجارية غير المنصفة من جهة أخرى.

وهذه القواعد هي ما يطلق عليها اتفاقات حماية المنتج المحلي (اتفاق مكافحة الإغراق - اتفاق الدعم والتدابير التعويضية - اتفاق الوقاية) وفن إجادتها وتطبيقها يتطلب تسخير طاقات، وبذل جهود استثنائية، لتحقق غايتين في آن واحد، حماية المنتج المحلي من الضرر، وحماية الصادرات الوطنية من فرض رسوم أو تدابير غير منصفة وتحقيق هذا الهدف كان الباعث الدافع وراء القرار السياسي بالانضمام للمنظمة للاستفادة من مبادئها وقواعدها في رفع الإجراءات التعسفية التي تفرض على الصادرات السعودية من البتروكيماويات على وجه الخصوص، ولتعزيز مكانتها في الأسواق الدولية مستفيدة من مبدأ المعاملة الوطنية.

ومن المسائل المهمة أيضاً، معرفة ما التزمت به الدول الأعضاء في المنظمة في بروتوكول انضمامها للاستفادة منها والمطالبة بتطبيق مبدأ حق الدولة الأولى بالرعاية تجاه أي ميزة، أو شرط، منح أو فرض، على دولة عضو على نحو الاستثناءات التي فرضت على الصين فيما يتعلق باتفاق مكافحة الإغراق.

أما المواضيع الأخرى التي تدار في إطار الاتفاقيات التي تديرها المنظمة، فعلى الرغم من أهميتها، وأهمية معرفة مواقف الدول الأخرى حيالها، فإن الاستفادة من تكتلات الدول ومواقفها تجاه تلك المسائل التي تنسجم مع رؤية المملكة، قد تغطي بعض أوجه النقص في الخبرات الوطنية اللازمة لإدارة المفاوضات وتحديد المواقف المناسبة.

ومع الاحترام والتقدير لآليات العمل الجماعي في إطار مجلس التعاون الخليجي، والجهود التي يبذلها بهذا الخصوص، والاعتراف الكامل بالدور الذي منحه له النظام الخليجي الموحد لمكافحة الممارسات التجارية الضارة، إلا أن الجهاز لا يستغني من وجهة نظرنا عن الدعم الفني الذي يجب أن يتبناه القطاع الخاص في مجال حماية المنتج المحلي. ونعتقد أن ما صرح به رئيس هيئة تنمية الصادرات السعودية (للجزيرة) من اتخاذ إجراءات عملية لإيجاد آليات لحماية المنتج المحلي، ولدعم اللجنة الخليجية الموحدة المعنية بهذه المسألة، هو بداية الطريق الصحيح.






 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد