Al Jazirah NewsPaper Sunday  19/07/2009 G Issue 13443
الأحد 26 رجب 1430   العدد  13443
أفق
قطف الزهور
سلطان بن محمد المالك

 

قصة جميلة جداً من التراث الصيني القديم أعجبتني لما فيها من دروس وعبر.. تقول القصة: ((كان لدى امرأة صينية مسنة إناءان كبيران تنقل بهما الماء، وكانت تحملهما مربوطين بعمود خشبي على كتفيها، وكان أحد الإناءين به شرخ يتسرب منه الماء، بينما الإناء الآخر بحالة سليمة ولا ينقص منه شيء من الماء، وفي كل مرة كان الإناء المشروخ يصل إلى نهاية المطاف من النهر إلى المنزل وبه نصف كمية الماء فقط.. ولمدة سنتين كاملتين ظلت السيدة الصينية تصل إلى منزلها بإناء واحد مملوء وبإناء آخر نصف مملوء، وبالطبع كان الإناء السليم مزهواً بعمله الكامل، وكان الإناء المشروخ محتقراً نفسه لعجزه وعدم قدرته على إتمام ما هو متوقع منه.

وفي يوم من الأيام بعد سنتين من الإحساس بالمرارة والفشل تكلم الإناء المشروخ مع السيدة الصينية فقال لها: (أنا خجل جداً من نفسي لأنني عاجز ولديّ شرخ يسرب الماء طوال الطريق من النهر إلى المنزل) فابتسمت السيدة الصينية وقالت له: (ألم تلاحظ الزهور التي على جانب الطريق من ناحيتك وليست على الجانب الآخر الذي أحمل فيه الإناء السليم؟)، وأضافت: (أنا أعلم تماماً عن الماء الذي يُفقد منك، ولهذا الغرض غرست البذور على طول الطريق من جهتك حتى ترويها في طريق عودتك إلى المنزل، ولمدة سنتين متواصلتين قطفت من هذه الزهور الجميلة لأزين بها منزلي، ولو لم تكن أنت على ما أنت عليه لما كان لي أن أجد هذا الجمال يزين منزلي).. فكل منا لديه نواقصه ونقاط ضعفه، ولكن نواقصنا ونقاط ضعفنا تصنع حياتنا معاً بطريقة عجيبة ومثيرة، لذا يجب علينا جميعاً أن نتقبل بعضنا البعض على ما نحن عليه، وأن ننظر دائماً إلى أنفسنا وإلى الآخرين نظرة إيجابية نرى بها مواضع التميز والتفرد في مختلف جوانب شخصياتنا، حتى في نقاط الضعف منها. فلكل أحبائي الذين يشعرون بالعجز أو النقص أتمنى لكم يوماً عظيماً، وشموا رائحة الزهور التي على جانبكم من الطريق)) انتهت القصة. بعض الناس يرى أنه أقل من غيره وأن حظه سيئ، إلا أن الحقيقة أن الله وهبنا جميعاً الكثير من النعم، فهناك الغني كثير الأموال عليل الصحة وهناك الفقير الذي يشكوا حاله وتردي وضعه، كلنا ندرك أن توزيع النعم بين الناس مختلف لحكمة أن يحدث تكامل بين الناس وتبادل للمنافع.

الغريب أن غالبية الناس غير قانعين بأحوالهم وأوضاعهم فالفقير يريد أن يكون غنياً والغني يبحث عن السعادة والصحة الدائمة وهكذا، والسبب أن كلاً منهم يرى الجانب السلبي من الصورة ويتجاهل الزهور التي يمكن أن تنبت على الجانب الآخر من طريق حياته.

fax2325320@ yahoo. com



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد